قال بعض اصحابنا : ومتى قيل ان صدر الآية وما بعدها في الأزواج فالقول فيه ان هذا الأمر لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم فانهم يذهبون من خطاب الى غيره ويعودون إليه والقرآن من ذلك مملوء وكذلك كلام العرب واشعارهم.
اقول : ويدل عليه صريحا قوله تعالى في سورة لقمان : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١) ثم ذهب في الكلام الى معنى آخر فقال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) (٢) وساق القول الى ان استوفى المراد منه ثم عاد الى اتمام المعنى الأول وهو موعظة لقمان لابنه فقال : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) (٣) الى ان اتى بتمام الكلام المطلوب ، فتراه انتقل في القول من معنى الى غيره ثم عاد الى الأول بعد استكمال الثاني فهو كالآية التي يتكلم في دلالتها ، ومثل هذا في القرآن موجود من تأول فيه عرف مواضعه ، وذكرنا منه هذا الموضع لرفع استبعاد الجاهلين الذين يتعللون بسياق الآية وهم لا يفقهون ظواهر العربية فضلا عن دقائقها واسرارها.
الخامس وهو العمدة الروايات المتواترة من الفريقين على ان الآية نزلت في النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، وفي بعضها ذكر الأربعة خاصة ولا شك ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) هو الأصل في ذلك ولأجله شرف الأربعة وذريتهم ، والروايات في هذا المرام متكثرة نحن نذكر منها جملة يحصل بها اليقين للمتأمل المنصف.
روى جميع المفسرين واهل السيرة انه لما نزل قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ) (٤) الآية
__________________
(١) لقمان : ١٣.
(٢) لقمان : ١٤.
(٣) لقمان : ١٦.
(٤) آل عمران : ٦١.