وهذا لا مخلص منه. وبالله التوفيق.
وقال بعضهم : لما وجدنا الأشياء قسمين حيّا ولا حيّا ، وجب أن يكون الباري عزوجل حيّا ، ولمّا وجدنا الحيّ ينقسم قسمين : ناطقا وغير ناطق ، وجب أن يكون الباري تعالى ناطقا.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وهذا الكلام في غاية الكلال (١) لوجهين : أحدهما : أن هذه القسمة قسمة طبيعية واقعة تحت جنس ، لأنه إذا كان تسمية الباري تعالى حيّا إنما هو من هذا الوجه ، فهو إذا يقع مع سائر الأجسام تحت جنس الحي ، ويحدّ بحدّ الحي وبحد الناطق.
وإذا كان كذلك فهو مركب من جنسه وفصله ، وكل ما كان محدودا فهو متناه ، وكل ما كان مركبا فهو محدث.
والوجه الثاني : أن هذه القسمة التي قسموها منقوضة مموّهة ، لأنه يلزمهم أن يبدءوا بأول القسمة الذي هو أقرب إلى الطبيعة ، فيقولوا : وجدنا الأشياء جوهرا ولا جوهرا ، ثم يدخلوه تحت أي القسمين شاءوا ، وهم إنما يدخلونه تحت الجوهر ، فإذا أدخلوه تحت الجوهر فقد وجب ضرورة أن يحدّوه بحد الجوهر.
فإذا كان ذلك وجب أن يكون محدثا ، إذ كل محدود فهو محدث كما قدمنا.
ثم نعترضهم في قسمتهم من قبل أن يبلغوا إلى الحي الناطق.
وعلى بعض القسم قبله يقع الثاني.
وهذه كلها مخلوقات.
فلو كان الباري تعالى بعضها ، أو كانت هذه الصفات واقعة عليه من طريق وجوب وقوعها علينا ، لكان مخلوقا. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال بعضهم : لما كانت الثلاثة تجمع الزوج والفرد ، وهذا أكمل الأعداد ، وجب أن يكون الباري تعالى كذلك لأنه غاية الكمال.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وهذا من أغث الكلام لوجوه ضرورية أحدها : أن الباري تعالى لا يوصف بكمال ولا تمام ، لأن الكمال والتمام من باب الإضافة ، لأن
__________________
(١) أي الضعف والفساد.