المساحة المذكورة
تكون مساحة كل قرية ميلا في ميل ، مزارعها ومشاجرها إلا ستة آلاف قرية ومائتي قرية
، هذا على أن يكون جميع العمل المذكور عمرانا متصلا ، لا مرج فيه ولا شجر ، ولا
أرض محجرة لا تعمر ، ولا أرض مرملة كذلك ، ولا سبخة ملح كذلك ، وهذا محال أن يكون.
فعلى هذا يقع لكل قرية من الرجال المذكورين مائة رجل أو نحو ذلك ، سوى من هو دون
العشرين منهم ، وسوى النساء ، ولا سبيل البتة على هذا أن يدركوا فيها المعاش ،
وهذا كذب لا خفاء به ، لا سيما إذ بلغوا ألف ألف مقاتل وخمسمائة مقاتل ، سوى من لا
يقاتل ، وسوى النساء.
أين هذا الكذب
البارد من الحق الواضح في قوله تعالى حاكيا عن فرعون أنه قال إذ تبع بني إسرائيل (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) [سورة الشعراء :
٥٤].
هذا الذي لا يجوز
غيره ، ولا يمكن سواه أصلا.
وكذبة أخرى : وهي
أنهم ذكروا في كتاب «يوشع» : أن البلد المذكور كان فيه من المدن في سهم بني يهوذا
مائة مدينة وأربعة مدن ، وفي سهم بني شمعون سبع عشرة مدينة ، وفي سهم بني بنيامين
ثمان وعشرون مدينة ، وفي سهم بني زبلون اثنتا عشرة مدينة ، وفي سهم بني نفتالي تسع
عشرة مدينة. وفي سهم بني دان ثماني عشرة مدينة فذلك مائتا مدينة واثنتان وست
وثلاثون مدينة. قال في الكتاب المذكور : «سوى قراها» لا يحصيها إلا الله عزوجل.
وذكر فيه أنه وقع
لنصف «بني منسى» بن يوسف بشرقي الأردن «باشان» وعملها ، وأن مدائنهم المحصنة ستون مدينة سوى قراها لا
يحصيها إلا الله. فالمجتمع من هذه المدن المذكورة ثلاثمائة مدينة غير أربع مدن ،
ولم يذكر عدد مدائن بني «رؤوبين» ولا عدد مدائن بني عاد ، ولا عدد مدائن نصف بني
منسّى الذي بغرب الأردن ، ولا مدائن بني أفرايم.
وهذه الأسباط التي
لم تذكر مدنها تقع على ما توجبه توراتهم في الربع من جميع بني إسرائيل ، يقع لهم
على هذا الحساب نحو مائة مدينة. إذا ضمت إلى العدد الذي ذكرنا فتمام الجميع نحو
أربعمائة مدينة. فاعجبوا لهذه الشهرة أن تكون البقعة
__________________