وعلى كل حال فقط أصاب بعض الباحثين عندما جمع بين الطرق الثلاثة ـ الفلسفية والعرفانية والأخلاقية ـ في عرض تلك العوالم المهمّة من حياة الانسان ، فانّ لكل طريقة خصوصياتها المتميزة التي تساعد الانسان للتعرف عليها.
كتاب منازل الآخرة والمطالب الفاخرة
ويدخل كتاب ( منازل الاخرة ) للعلاّمة الثقة المحدّث الشيخ عباس القمّي قدسسرهم في ضمن الكتب الأخلاقية المهمّة التي تحدثت عن العوالم التي سوف يلاقيها الانسان بعدما ينتهي من هذه الحياة الدنيا التي عاشها ، وقد أجاد المؤلّف رحمهالله في استقصائها بشكل منظم ومرتب ابتداءاً من سكرات الموت ، وانتهاءاً بدخول الجنة أو النار ، خصوصاً انّه اعتمد فيها على ما جاء عن النبي الاعظم صلىاللهعليهوآله وأهل بيته عليهمالسلام ، وقد حاول جاهداً أن يبتعد عن ما نقله الآخرون من خرافات الصوفية أو قصص الاسرائليات والوضاعين التي شحنت بها الكتب الأخلاقية المؤلفة بهذا المجال كتكاب الاحياء وغيره.
كما أن المؤلّف القمّي رحمهالله أجاد عندما لم يطنب بالتخويف بل أوجز بما يؤدي الغرض الوعظي والتأدبي وانّه أحسن كثيراً عندما أضاف ( المنجيات ) من تلك المصاعب والأهوال الى جنب الأهوال التي سوف يقع بها الانسان في الآخرة.
وانّ المؤلّف رحمهالله قد استخدم الاسلوب الصحيح في موعظته حينما استفاد من الخوف والرجاء الذي ورد في الروايات وأكدت عليه الأحاديث الشريفة بضرورة توفرهما جميعاً بقلب المؤمن ليحصل على النجاة بسلوكه الرباني منها : ما رواه الكليني رحمهالله في الكافي الشريف بإسناده عن الامام الصادق عليهالسلام قال : « كان أبي عليهالسلام يقول : انه ليس من عبد مؤمن إلاّ في قلبه نوران : نور خيفة ، ونور رجاء ،