المنقَلِبة عن الواوِ التى هى عين الفِعل كما همَزُوا الياءَ التى للمَدِّ في نحو سَفائِنَ وصَفائِحَ ولا تُشْبِه هذه الياءُ تِلكَ ألا تَرَى أن هذه مُنْقلِبة عن واوٍ هى عينٌ أصلُها الحركةُ وتلكَ زائدةٌ للمَدِّ لا حظَّ لها في الحركةِ* قال الفارسى* ومثلُ هدَا مِمَّا حمله أبُو الحسنِ على الغَلَط قولُ بعضِهم في جمعِ مَسِيل مُسْلانٌ فَمَسيل مَفْعِل والياءُ فيه عينُ الفِعْل فتوَهَّم فيه مَن قال في جمع مَسِيل مُسْلانٌ أنها زائِدةٌ للمدّ فجمَعه على فُعْلان كما يجمَع قَضِيبٌ على قُضْبانٍ* قال* وهذا عِنْدى انما يكونُ غلَطا اذا أُخِذ من سالَ فاذا أُخِذ من مسَل كان كمَصِير ومُصْرانِ* قال* ومثلُ هذا من الشَّوَاذِّ والغلَط لا يُعتَرَضُ به على الشائِع المُطَّرِد ولا يُحْمَل عليه غيْرُه وانما حكمُه أن يُعْرَف أصلُه ويبيَّنَ وجهُ الصَّواب فيه ومن أيْنَ وقَع التشبِيهُ الذى جاءَ من أَجْله الغَلطُ فمُسْلانٌ فيمن أخذَه من سالَ خَطأ وان كان قد قيلَ ونظيرُ غلَطِهم في همز مَصايبَ غلَطُ من قرأَ معائِشَ بالهمز لأن الياءَ فيها عيْنٌ فلا تهمر كما لا تُهْمَز مَقَاوِم جمع مَقَامٍ قال الفرزدق
وإنِّى لَقَوَّام مَقَاوِمَ لم يكُنْ |
|
جَرِيرٌ ولا مَوْلَى جَرِيرٍ يَقُومُها (١) |
* قال الفارسى* قال أبو عثمانَ انما أصلُ أخْذِ هذه القراءةِ عن نافعٍ ولم يكُنْ له علمٌ بالعربِيَّة وقد حمَل الهمزة في مَصائِب على الهمزة في إسادةٍ أى انها بدَلٌ من الواو كما أنَّها في إسادَة بدلٌ من الواو وقد أريتُك حكم بدل الهمزَة من الواو كيفَ هو وأعَلْمتُك أنَّ أبا عمرو يذهَبُ الى أن بَدَل الهمزة من الواو المكسورةِ أوَّلا غيرُ مُطَّرِد وأعلمتك كيف استدَلَّ الفارِسىُّ على صحة ما ذهَب اليه أبو عمرو من كلام سيبويه واذا لم يكُنْ هذا مطَّرِدا في الواو أوَّلا فحكمه أن لا يجوزَ فيما لم يكُنْ أوَّلا لأن التَّغايِيرَ أشدُّ اعتِقابا على الأوّل في هذا الباب وبهذا رد الفارسىُّ على الزجَّاج هُنا وقد لخَّصنا جميعَ ذلك آنِفا فهذا شئٌ عرضَ في مصائِب ثم نعُود الى ذكر المُعاقَبة* ابن السكيت* تَبَوَّغ الرجُلُ بصاحبه ـ غَلَبه وتَبَوَّغ الدَّمُ بصاحبه ـ قتَلَه وقد جاء في الحديث «اذا تَبَيَّغ الدَّمُ بصاحِبِه فَلْيَحْتَجِم» يعنى اذا هاجَ فكاد يقْهَرُه وحُكِىَ ما أَعِيج من كلامِه بشَئ ـ أى ما أعْبَأُ به وبنُو أسَد يقولُون ما أَعُوجُ بكلامه ـ أى ما ألْتَفِت اليه أخَذُوه من عُجْت الناقةَ ويقال هو في صُيَّابة قومِه وصُوَّابة
__________________
(١) قلت لقد أخطأ أبو على الفارسى وقلده ابن سيده في قوله قال الفرزدق واني لقوام الخ وانما الصواب أن قائل هذا البيت هو الاخطل وهو من قصيدة يمدح بها بشر بن مروان مطلعها عفا الجؤمن سلي فبادرت رسومها فذات الصفا صحراؤها فقصيمها الى أن قال في أثناء مدحه بشرا اذا بلغت بشربن مروان نافتى سرت خوفها نفسي ونامت همومها امام يقود الخيل حتي كأنها صدور القنا معوجها وقويمها الى الحرب حتي تخضع الحرب بعدما تخمط مسرحاها وتحمى قرومها أبوك أبو العاصي عليكم تعطفت قريش لكن عرنيتها وصميمها ـ