وتوفّى شهيدا في الحبس ببلاد الهند ، رحمهالله ، في قبضة ابن سبكتكين ، وكان محمود في سنة ثلاث وتسعين قد نازلة وحاصره ، واستنزله بالأمان من قلعته ، ووجّهه إلى بلاد الجوزجان في هيئة ووفور رهبة.
ثم بلغ السلطان عنه بعد أربع سنين من ذلك ، أنّه يكاتب ايلك خان الّذي استولى على بخارى ، فضيّق عليه السّلطان بعض الشيء ، إلى أن مات في رجب ، وورثه ولده أبو حفص (١).
وكان خلف مغشيّ الجناب من النّواحى ، لسماحته وإفضاله ، ومدحته الشّعراء. وكان قد جمع العلماء على تأليف تفسير كبير ، لم يغادر فيه شيئا (٢).
من أقاويل القرّاء والمفسّرين والنّحاة ، ووشّحه بما رواه من الثّقات.
قال أبو النّصر في كتاب «اليمينى» : بلغني أنّه أنفق عليهم في جمعة عشرين ألف دينار ، والنسخة به بنيسابور ، وهي تستغرق عمر الكاتب.
أخبرنى أبو الفتح البستي ، قال : عملت فيه أبياتا ، لم أبلّغها إيّاه ، ولكنّها سارت واشتهرت ، فلم أشعر إلّا بصرّة منه ، فيها ثلاثمائة دينار ، بعثها.
والأبيات ، هي هذه الثلاثة :
خلف بن أحمد الأخلاف |
|
أربى (٣) بسؤدده على الأسلاف |
خلف بن أحمد في الحقيقة واحد |
|
لكنّه مرب على الآلاف |
أضحى لآل اللّيث أعلام الورى |
|
مثل النّبىّ لآل عبد مناف |
وقد مدحه البديع الهمذانيّ وغيره ، وقد حكم على مملكة سجستان دهرا ، وعاش خمسا وثمانين ، رحمهالله (٤).
وفيه يقول الثعالبي :
من ذا الّذي لا يذلّ الدّهر صعبته |
|
ولا تلين يد الأيّام صعدته |
أما ترى خلفا شيخ الملوك غدا |
|
مملوك من فتح العذراء بكرته |
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٩ / ١٧٢ ، ١٧٣.
(٢) في الأصل «شيء».
(٣) في الأصل «أذرى».
(٤) زاد بعضها «أربعا وسبعين سنة».