أمّا عن سنة النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله التي وصفها صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه ...» (١) ، فقد منع هذا القائل الناس من التحديث بأحاديث السنّة النبويّة مطلقا (٢) ، وأصدر أمره بحبس ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي مسعود الأنصاري ، فقال : قد أكثرتم الحديث عن رسول الله (٣).
ومنع الناس من نقل الحديث ، بحجّة اختلاطه بالقرآن (٤) ؛
وهكذا كانت سيرة صاحبيه ؛ حتّى وصل الأمر إلى معاوية ففتح باب تزوير الأحاديث على مصراعيه ، ومنع من التحديث بمناقب أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبعث إلى عمّاله في البلدان آمرا بلعنه على المنابر.
وخلال هذه المسيرة الطويلة ، كان هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، رجال حملوا الأرواح على الأكفّ وباعوها رخيصة لأجل المبدأ ، رجال وصفهم النبيّ الكريم في خطابه لأميرهم ؛ أمير المؤمنين عليهالسلام : «يا عليّ أنت وشيعتك خير البريّة» (٥) ، وقال : «يا عليّ إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله عزوجل ، وأخذت أنت بحجزتي ، وأخذ ولدك بحجزتك ، وأخذ شيعة ولدك بحجزهم ، فترى أين يؤمر بنا!» (٦)
ومن هؤلاء الرجال الذين نذروا أنفسهم لخدمة الدين وإعلاء كلمة الحقّ ، العلّامة الحلّي قدّس الله نفسه الزكيّة ، فسلام عليه يوم ولد ، ويوم مات ، ويوم يبعث حيّا.
أسأل الله ـ وهو أكرم مسئول ـ أن يصلّي على محمد وآل محمّد ، وأن يغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، وأن يغفر لي ولوالديّ ، ويتغمّدهما بكرمه وعفوه ومنّه ،
__________________
(١) مسند أحمد ٤ : ١٣١ / ١٦٧٢٢.
(٢) تذكرة الحفّاظ ١ : ٧ ـ ٨.
(٣) تذكرة الحفّاظ ١ : ٧.
(٤) طبقات ابن سعد ، ٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧.
(٥) ينابيع المودة للقندوزي ٢ : ٤٥٢.
(٦) الفردوس للديلمي ٥ : ٣٢٤ / ٨٣٢٤.