اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) حيث دلت على أن لا اختيار للعباد في التصرف في ذلك ، وأن المختار لأمور الدين والدنيا هو الله تعالى دون خلقه ، فيجب أن يكون هو المختار المعين للامام كما في النبي ، مع أنه قد ذكر جملة من مفسريهم انها نزلت في الرد على من قال لم ما أرسل الله غير هذا الرسول.
(الثالث) الآيات المتضافرة والأخبار المتواترة الدالة على أن الله تعالى بين كل شيء وكلم في كتابه كقوله تعالى (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وقوله تعالى (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) وقوله تعالى (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) وقوله تعالى (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ). ومن المعلوم بالوجدان فضلا عن البرهان ان عقول الخلق لا تفي بذلك فلا بد أن يكون الله تعالى قد جعل احدا يعلم جميع ذلك ويرجع إليه الخلق هنالك. وأيضا ثبت أن جميع الأشياء مبينة في القرآن فكيف يجوز اهمال الإمامة التي هي اعظمها وأهمها؟!
(الرابع) قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) حيث دلت على وجوب طاعة أولي الأمر كاطاعة الرسول ، ولهذا لم يفصل بينهما بالفعل لكمال الاتحاد والمجانسة ، بخلاف اطاعة الله واطاعة الرسول ، إذ لما كان بين الخالق والمخلوق كمال المباينة فصل بالفعل ، ومن المعلوم أن الله سبحانه لا يأمر المؤمنين ـ لا سيما الصلحاء العلماء الفضلاء ـ باطاعة كل ذي امر وحكم ، لأن فيهم الفساق والظلمة ومن يأمر بمعصية الله تعالى ، فيجب أن يكون أولو الأمر الذين امر الله بطاعتهم مثل النبي (ص) في عدم صدور الخطأ والنسيان والكذب والمعاصي ، ومثل هذا لا يكون منصوبا إلا من قبل الله تعالى العالم بالسرائر كما في النبي (ص).
(الخامس) قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) فقد روى العامة عن ابن عباس قال : كنا نقرأ هذه الآية على عهد رسول الله (ص) «بلغ ما أنزل أليك من ربك في علي» وروى