شيئا ولا يعمل شيئا إلا ما يتفق مع رضا الله واشاءته فهي منصوص عليها من الله تعالى.
وإن البحث في الامامة كالبحث في النبوة عند الشيعة لا يجوز فيه تقليد الأجداد والآباء والزعماء ، وانما يجب تمحيص الأمر على ضوء القواعد العقلية ليتم الايمان بأن الامام هو خليفة النبي ونائبه العام المتبع في حفظ نواميس الشريعة واقامة كيان الملة والحافظ لقوانينها دينية كانت أو دنيوية ، وقد ذهب المسلمون في الخلافة عن النبي بعد وفاته مذاهب شتى وسلكوا مسالك متعددة أهمها من يرى أن الخلافة تجب عقلا على الله تعالى كالنبوة.
ومنهم من يرى أنها تجب عقلا على الناس ومنهم من يرى وجوبها عليهم سمعا
ومنهم من لا يرى وجوبها اثباتا لا في العقل ولا في السمع ، ومنهم يرى.
غير ذلك.
ولكن الأهم من تلك المذاهب مذهبان ما زالا ولا يزالان الى أن يشاء الله ما يشاء.
(المذهب الأول) من أوجبها عقلا على الله تبارك وتعالى ، وبهذا تؤمن الشيعة الامامية بأن الامامة تأتي بنص من الله والنبي (ص) ، وهو حين يختار خليفته فانما يصدع بأمر الله ويمتثل في هذا الاختيار مشيئته ليكون بعد النبي هاديا ومرشدا بما أمر الله ونهى عنه ، وكما تجب على المسلمين طاعة رسول الله وتحرم معصيته تجب طاعة الامام وتحرم معصيته لقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
(المذهب الثاني) من اوجبها على الناس ، فانه يجب عنده أن يختار الناس من أنفسهم إماما لهم ينصبونه عليهم ينشر فيهم العدل والانصاف ويدفع عنهم الضرر والخلاف ، ولا يلزم فيه الاتصاف بشيء غير وقوع الاختيار عليه (كما في الانسان وأول الواجبات ص ١٣٠).