نصارى نجران إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالوا : إلى ما تدعو؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله ، وأنّ عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث.
فقالوا : من أبو موسى؟ قال : عمران ، قالوا : فأنت؟ [أي فأنت ابن من؟] قال : عبد الله بن عبد المطّلب ، قالوا : فعيسى؟ فسكت ينظر الوحي ، فنزل (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
فقالوا : ما نجد هذا فيما أوحي إلى أنبيائنا ، فنزل قوله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).
فطلب النبيّ صلىاللهعليهوآله [المباهلة] بالأعزّة وأفلاذ الكبد ، والمباهلة مفاعلة من البهلة (١) بالضمّ والفتح : اللعنة ؛ أي تعالوا نتباهل بأن نلعن الكاذب منّا.
__________________
ـ فلا تبتهلوا فتهلكوا فلا يبقى على وجه الأرض نصرانيّ إلى يوم القيامة.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : والّذي بعثني بالحقّ نبيّا ، لو فعلا لأمطر الله عليهما الوادي نارا.
قال جابر : فيهم نزلت الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ...).
وانظر : مسند أحمد : ١٨٥ ؛ تفسير الكشّاف ١ : ٣٦٨ ؛ تفسير الطبريّ ٣ : ١٩٢ ؛ أسباب النزول للواحديّ ٦٧ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٣٠١ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٣٠ ؛ خصائص النسائيّ ٢٤ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٥٠ ؛ التفسير الكبير لفخر الدين الرازيّ ٢ : ٦٩٩ ؛ مصابيح السنّة للبغويّ ٢ : ٤٥٤ ؛ كفاية الطالب ١٢٢ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٠٨ ؛ تفسير ابن كثير ١ : ٣٧٠ ؛ دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢٩٧.
ولا شيء أقوى من آية المباهلة في فضل أصحاب الكساء عليهمالسلام ؛ قال الزمخشريّ في الكشّاف : وفيها برهان واضح على صحّة نبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأنّه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنّهم أجابوا إلى ذلك.
(١) الصواب أنّها مشتقّة من البهل لا من البهلة ، كما قرّر في علم الصرف. محمّد حسين