دون بعض تخصيص بلا مخصص ، وترجيح بلا مرتجع ، وكلاهما باطلان. مع إنّه مستلزم لنسبة المبهم والمهمل إلى النبي (ص) في ذكر أسمائهم لو كان (ص) يريد واحدا منهم بعينه ، وهو في مقام بيان من يتعين الرجوع إليهم من بعده (ص) في حفظ دينه ، وبيان أحكامه ، وتنفيذ حدوده ، وذلك لا يجوز نسبته إلى النبي (ص).
ومن حيث أنّ رسول الله (ص) لم يأت على ذكر أحد من الخلفاء الثلاثة (رض) في حديثه ، ولم يذكر واحدا من ملوك الأمويين ، ولا أمراء العباسيين ، ولا غيرهم ممّن جاء بعدهم مطلقا ، في أحاديثه (ص) ، وعدل عنهم جميعا إلى التنصيص على عترته أهل بيته (ص) وعدّهم بأسمائهم (ع) واحدا بعد واحد فكانوا اثني عشر إماما كما تقدم تفصيله ، علمنا أنّه (ص) لا يريد واحدا من أولئك الذين تقدموا على عترته ، وتربعوا على كرسي الحكم بالقهر ، والقوة.
وشيء آخر يمنع منعا باتا من إرادة النبي (ص) لهم ، هو مجافاتهم لقوانين شريعته وأحكامها ، وتعديهم لحدود الله تعالى ، فلا يمكن حمل حديثه (ص) عليهم ، كما لا يمكن حمله على الفاطميين وغيرهم في مصر ، لأنّهم لم يكونوا بهذا العدد ، ولا على سلاطين العثمانيين ، لأنّهم ليسوا من قريش ، ولم يكونوا بهذا العدد. فإذا ثبت بطلان ذلك كلّه تعيّن حمله على الأئمة الاثني عشر من عترة النبي (ص) ، أهل بيته (ع) الذين أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، وآخرهم الحجّة المهدي المنتظر (عج) كما مرّ بيانه مفصّلا.
وفي القرآن يقول الله تعالى في سورة النساء آية ١٥٩ : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). وأخرج البخاري في أواخر ص ١٦٨ من (صحيحه) في باب نزول عيسى بن مريم (ع) من جزئه الثاني.