وآثار سيئاتهم.
والفرق بين الشفاعة المصطلحة والشفاعة القيادية هو أنّ الشفاعة المصطَلحة توجب رفع
العذاب عن العبد بعد استحقاقه له ، والشفاعة القيادية توجب أن لا يقع العبد في
عداد العصاة حتى يستحق. والظاهر أنّ إطلاق الشفاعة على هذا القسم ليس إطلاقاً
مجازياً ، بل إطلاق حقيقي. وقد شهد بذلك القرآن والأخبار ، قال سبحانه : (وَأَنْذِرْ بِهِ
الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ
وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الأنعام / ٥١).
والضمير المجرور في (بِهِ) يرجع إلى القرآن .
ولا شك أنّ ظرف
شفاعة هذه الأُمور إنّما هو الحياةُ الدنيويةُ ، فانّ تعاليم الأنبياء وقيادتهم الحُكمية
وهداية القرآن وغيره ، إنّما تتحقّق في هذه الحياة الدنيوية ، وإن كانت
نتائجها تظهر في الحياة الأُخروية ، فمن عمل بالقرآن وجعله أمامه في هذه الحياة ،
قاده إلى الجنّة في الحياة الأُخروية. ولأجل ذلك نرى أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمر الأُمة بالتمسك بالقرآن ويصفه بالشفاعة ويقول : «فإذا التَبَست عليكم الفتنُ كقطع
الليل المظلم فعليكُم بالقرآن فإنّه شافعٌ مشفَّع وماحِل مصدَّق ، ومن جَعَلَه أمامَه
قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفَه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدل على خير سبيل ،
وهو كتاب فيه تفصيل وبرهان» .
فإنّ قوله : «ومن
جعله أمامه» ، تفسير لقوله : «فإنّه شافع مشفَّع».
والحاصل : أنّ
الشفاعة القيادية شفاعة بالمعنى اللغوي ، فإنّ المكلّفين
__________________