تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (١) ، فقد كان عليه البيان والتفسير ، كما كان عليه البلاغ والإنذار والتبشير.
وهكذا الواجب على الأُمّة الوسطى أن تقوم بواجب البيان إلى جنب واجب البلاغ .. فيكون إلى جنب الدعوة إلى الإسلام ، تبيين أهدافه ومقاصده في إسعاد البشريّة .. والّتي تضمّنها القرآن ، الكلام الإلهي الخالد.
القرآن يحمل رسالة إلى الناس : ( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (٢). فَعَلى نُبَهاء الأُمّة وعلماء الملة أن يبلّغوا هذا النداء الصارخ ، إلى الخافقين ، ويُسمعوهم ما يحتويه من أهداف عالية ومقاصد زاكية. لا بقراءة اللفظ وتلاوة الكلام فحسب ، بل بالشرح والتفصيل والتبيين والتفسير.
والتفسير على منهجين : ترتيبي ( حسب النظم القائم في القرآن ) وموضوعي ( حسب المسائل المطروحة في القرآن ) .. فأيّهما المطلوب بالذات ؟
لا شكّ أنّ الّذي تستدعيه طبيعة الدعوة ، والّذي يطلبه الإنسان الواعي ، الساعي وراء درك حقائق القرآن ، هي : دراسة ما في القرآن من مفاهيم ومعارف أتحف بها البشرية ، وآداب وتعاليم قدّمها للإنسان ، ليسعد بها ويتصاعد على مدارج الكمال.
إنّ البشرية الآن بحاجة ماسّة إلى الوقوف على ما في القرآن من معارف وأحكام ، وبانتظار ما يقدّمه علماء المسلمين إليهم من مسائل ومباحث أُصولية جاء بها القرآن كحقائق راهنة تُنير لها درب الحياة وتضيء للإنسان معالم السعادة وتؤمّن عليه كرامته في النشأتين.
إنّ الإنسان اليوم يتطلّع إلى معالم هذا الكتاب ، والمعارف الّتي احتضنتها هذه الرسالة الإلهية الخالدة ، الأمر الّذي استرعى انتباهه منذ حين ، ولا يهمّه أن يكون لفظه كذا أو تعبيره كذا ، إنّما يُهمّه أمر المحتوى وما تحتويه هذه الرسالة
__________________
١. النحل : ٤٤. |
٢. الإسراء : ٩. |