الأحكام والقوانين الدينية ، لا يتحقق إلّا بالاستنباط الفقهي من المصادر الأصليّة ، وهي الكتاب والسنة (الفقه الاستدلالي) وهذا ما لا يتيسر للجميع.
والإسلام لا يشرّع حكما فيه حرج ، لذا فإن تحصيل العلم بالأحكام والشرائع الدينية عن طريق الدليل يعتبر واجبا كفائيا ، يختص بالبعض الذي له الكفاءة والقدرة ، أمّا عامة الناس ، فيجب عليهم الرجوع إلى هؤلاء البعض. وفقا للقاعدة العامة ، وهي وجوب رجوع الجاهل إلى العالم ، (قاعدة الرجوع إلى أهل الخبرة) ، وهو مراجعة من يسمّون ب «المجتهدين الفقهاء» ويطلق على هذه المراجعة كلمة (التقليد) ولكن هذا الرجوع والتقليد ليس في أصول الدين (١).
ومما تجدر الإشارة إليه ، أن الشيعة ، لا تجيز التقليد الابتدائي من المجتهد الميّت ، والشخص الذي لا يعلم مسألة ما عن طريق الاجتهاد ، فإنه وفقا لوظيفته الدينية يجب أن يقلّد المجتهد ، ولا يستطيع الرجوع إلى فتوى المجتهد المتوفي ، ما لم يكن قد قلّد في هذه المسألة مجتهدا حيّا ، وبعد وفاة المرجع والمقلّد بقي على تقليده ، وهذه المسألة هي إحدى العوامل المهمة التي تجعل الفقه الإسلامي الشيعي يمتاز بالحيوية ، لهذا السبب يسعى جماعة للحصول على درجة الاجتهاد ، والتحقيق في المسائل الفقهيّة.
ولكن إخواننا أهل السنة إثر الإجماع الذي حصل في القرن
__________________
(١) يراجع في هذا الموضوع مبحث الاجتهاد والتقليد من علم الأصول.