لإفضائه إلى السفه (١) إن كان عالما بقبح ذلك ، وباستغنائه عنه وإلى الجهل إن لم يكن عالما.
والجواب : لا نسلم قبح الشيء بالنسبة إليه ، كيف وهو تصرف في ملكه؟. ولو سلم : فالقدرة عليه لا تنافي امتناع صدوره عنه نظرا إلى وجود الصارف وعدم الداعي ، وإن كان ممكنا في نفسه ، ومنهم ابن عبّاد (٢) وأتباعه القائلون بأنه ليس بقادر على ما علم أنه لا يقع لاستحالة وقوعه. قال في المحصل (٣) وكذا ما علم (٤) أنه يقع لوجوبه.
والجواب : أن مثل هذه الاستحالة لا تنافي المقدورية ومنهم أبو القاسم البلخي المعروف بالكعبي ، وأتباعه القائلون ، بأنه لا يقدر على مثل مقدور العبد حتى لو حرك جوهرا إلى حيز وحركه العبد إلى ذلك الحيز لم تتماثل الحركتان ، وذلك لأن فعل العبد إما عبث أو سفه أو تواضع بخلاف فعل الرب. وفي عبارة المحصل بدل التواضع الطاعة. وعبارة المواقف ، إما طاعة أو معصية ، أو سفه ، وليست على ما ينبغي لأن السفه ، وإن جاز أن يجعل شاملا للعبث ، فلا خفاء في شمولية المعصية أيضا.
والجواب : منع الحصر ككثير من المصالح الدنيوية.
فإن قيل : المشتمل على المصلحة المحضة ، أو الراجحة طاعة وتواضع.
قلنا : ممنوع. بل إذا كان فيه امتثال وتعظيم للغير ، وهذا لا يتصف به فعل الرب ، وإن اشتمل على المصلحة.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (السفه).
(٢) هو معمر بن عباد السلمي : معتزلي من الغلاة ، من أهل البصرة. سكن بغداد ، وناظر النظام ، وكان أعظم القدرية غلوا ، انفرد بمسائل منها أن الإنسان يدبر الجسد وليس بحال فيه. ووصف الإنسان بوصف الإلهية تنسب إليه طائفة تسمى (بالمعمرية) توفي سنة ٢١٥ ه راجع خطط المقريزي ٢ : ٣٤٧.
ولسان الميزان ٦ : ٧١ واللباب ٣ : ١٦١.
(٣) سبق التعريف بهذا الكتاب.
(٤) في (ب) المعلم بدلا من (ما علم).