واعترض بأن الترديد المذكور يجري في اختصاص كل جسم بما له من الصورة ، وقرره الإمام بأن اختصاص الجسم بهذه الصورة مثلا لو كان لأجل صورة أخرى ، فإما أن يكون ذلك على طريق المساوقة (١) ، فيلزم استناد كل صورة إلى صورة لا إلى نهاية ، أو على طريق المسابقة ، بأن تستند الصورة الحاصلة في الحال إلى صورة سابقة عليها ، فيندفع أصل الاحتجاج ، لجواز أن يستند كل عرض إلى عرض سابق عليه.
فأجاب بأنه على طريق المسابقة ، ويمتنع مثله في الأعراض لأنها مستندة إلى مبادي موجودة في الأجسام تعيدها (٢) عند زوالها بالقسر (٣) لوجهين :
أحدهما : أن الماء المسخن بالنار يعود باردا ، فلولا أن في جسم الماء شيئا محفوظ الذات عند ملاقاة النار كما كان كذلك بخلاف الصورة المائية ، فإنها إذا زالت إلى الهوائية لا تعود بالطبع.
وثانيهما : أن كيفيات العناصر تنكسر صرافتها عند الامتزاج ، ولا كاسر سوى الصورة لما سيجيء في بحث المزاج ، وأنت خبير بأن هذا إنما يتم لو ثبت لكل عرض كذلك أن يجب (٤) أن يعود بعد الزوال ، وينكسر عند الامتزاج وإلا فيجوز أن تكون الأعراض التي كذلك مستندة إلى أمور محفوظة هي أعراض يستند كل منها إلى عرض قبله ، وهكذا إلى غير النهاية كالصور ، ولذا قال الإمام رحمهالله في موضع (٥) آخر أن الذي حصل بالدليل هو استناد هذه الأعراض من الأين ،
__________________
(١) المساوقة : هي التلازم بين الشيئين بحيث لا يتخلف أحدهما عن الآخر في مرتبة (راجع كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي) وإذا كان لأحد الشيئين معية مع الآخر كان مساوقا له ، وكذلك إذا كان بينهما تلازم في التغير ، وقد تستعمل المساوقة فيما يعم الاتحاد في المفهوم ، والمساواة في الصدق ، فتشمل الألفاظ المرادفة والمساوية. (راجع ابن سينا كتاب النجاة ص ٣٢٣ فصل في مساوقة الواحد للموجود باعتبار ما)
(٢) في (ب) بصدها بدلا من (تعيدها)
(٣) في (ب) بالعسر بدلا من (بالقسر)
(٤) في (ب) بحيث بدلا من (يجب)
(٥) سقط من (أ) جملة (في موضع)