وابتداؤها من الفم ، ثم الكبد ، ثم في العروق ، ثم في الأعضاء. فإن الغذاء يستحيل في المعدة جوهرا شبيها بماء الكشك الثخين يسمى كيلوسا ، فيندفع كثيفه من طريق الأمعاء ، وينجذب لطيفه إلى الكبد من طريق ماساريقا].
يعني أن الغذاء من ابتداء المضغ إلى حين يصير جزءا من العضو يعرض له في كل آن تغير واستحالة ، من غير أن يكون ذلك محصورا في عدد ، إلا أنهم نظروا إلى أعضاء الغذاء والعضو المغتذي ، وإلى ظهور التغيرات في الغاية. فقالوا : هضم الغذاء إما أن لا يلزمه خلع صورته ، وذلك هو الذي به يتغير إلى أن يصير كيلوسا ، وهو هضم المعدة وابتداؤه من الفم ، أو يلزمه خلع صورته ، فإما أن يلزم من كمال ذلك النضج ، حصول الصورة العضوية وهو الهضم الرابع ، ويكون في كل عضو ، أو لا يلزمه حصول الصورة العضوية ، فإما أن يلزمه حصول التشبه بها في المزاج ، وذلك هو الذي به يصير رطوبة ثانية. وهو أن يكون في العروق ، أو لا يلزمه ذلك ، وهو الذي به يصير خلطا ويكون هذا في الكبد. ويستدل على كون ابتداء الهضم المعدي في الفم ، بأن الحنطة الممضوغة تفعل في إنضاج الدماميل ما لا تفعله المدقوقة المبلولة بالماء ، أو المطبوخة فيه ، وبأن ما يبقى من الطعام بين (١) الأسنان يتغير ، وتنتن رائحته ، ويصير له كيفية مثل كيفية لحم الفم. والسبب في ذلك أن سطح الفم متصل بسطح المعدة ، بل كأنهما سطح واحد بشهادة التشريح (٢) ، ولذلك يجعل ما في الفم والمعدة ، هضما واحدا ، لا كما
__________________
ـ فتحة الفؤاد التي تصل المريء بالمعدة ، وعند فتحة البواب التي تصل المعدة بالاثني عشر.
وعند ما يدخل الطعام إلى المعدة تبدأ سلسلة من الانقباضات للعضلات الدائرية الموجودة في جدار المعدة تشبه الحركة الدورية ، ولهذه الانقباضات أهمية في خلط الطعام مع العصير المعدي الذي يقوم بهضم بعض مكونات الطعام ، ويفرز جدار المعدة لدى الإنسان البالغ حوالي ٣ ليترات يوميا من العصير المعدي. الذي يتألف من :
أ ـ حامض الكور ودريك
ب ـ انزيم الببسين ج ـ انزيم الرينين
(١) في (ب) الأسنان بدلا من (بين الاسنان)
(٢) ولهذا يعتبر الجهاز الهضمي في العلم الحديث يتكون من الفم ، والبلعوم والمريء والمعدة ، والامعاء الدقيقة ، والامعاء الغليظة ، والمستقيم والشرج ـ