جهة الماء ، وميل أغصانها في الصعود من جانب الموانع إلى الفضاء ، ثم ليس هذا ببعيد عن القواعد الفلسفية ، فإن تباعد الأمزجة عن الاعتدال الحقيقي ، إنما هو على غاية من التدريج ، فانتقاص استحقاق الصور الحيوانية وخواصها ، لا بدّ أن تبلغ قبل الانتفاء إلى حد الضعف والخفاء ، وكذا النباتية.
ولهذا اتفقوا على أن من المعدنيات ما وصل إلى أفق النباتية ، ومن النباتات ما وصل إلى أفق الحيوانية كالنخلة ، وإليه الإشارة بقوله عليهالسلام :
«أكرموا عمتكم النخلة» (١).
[قال (والمراد بالحيوان)
ما يعمه وأجزاءه ومتولداته كالشعر والعظم واللبن والابريسم واللؤلؤ. وبالنبات ما يعم نحو الأشجار والأثمار ، وما يتخذ منها ، والمرجان وبالمعدن ما سوى ذلك من الممتزجات ، ولو بالصنعة كالزنجار والسنجرف ، ليتم حصر الأجناس. وأما حصر الأنواع فلا سبيل إليه للبشر].
إشارة إلى دفع ما يورد على حصر الأجناس في الثلاثة. حيث يوجد أشياء ليس فيها مبدأ الحس والحركة ، مع القطع بأنها ليست من النبات أو المعدن ، كبعض أجزاء الحيوان ومتولداته ، كالعظم والشعر واللبن والعسل واللؤلؤ والابريسم ، وما أشبه ذلك ، وأشياء لا يطلق عليها اسم النبات والمعدن كالثمار وما يتخذ منها ، وكالزنجار والسنجرف ونحو ذلك.
__________________
(١) لفظ الحديث : أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم وليس من الشجر شجرة اكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر».
رواه أبو نعيم في الأمثال عن على مرفوعا ، وأخرجه أبو يعلي في مسنده عن ابن عباس ولكن بلفظ نزلت بدل ولدت ، وبلفظ فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم ، وليس من الشجر يلقح غيرها ، وأخرجه عثمان الدارمي بلفظ «أطعموا نفساءكم الرطب ، فإن لم يكن رطب فالتمر ، وهي الشجرة التي نزلت مريم ابنة عمران تحتها ، وفي سنده ضعف وانقطاع وفي خبر من كان طعامها في نفاسها تمرا جاء ولدها حليما ، ورواه في الإصابة بلفظ «أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطينة التي خلق منها آدم» قال وفي سنده ضعف وانقطاع انتهى.
وقال في الدرر : رواه أبو يعلي ، وأبو نعيم عن ابن عباس بسند ضعيف بلفظ : «أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم» وفي الباب : نعم المال النخل. وشبه النبي صلىاللهعليهوسلم ـ النخلة بالمؤمن ، فإنها تشرب برأسها وإذا قطع ماتت وينتفع بجميع أجزائها ـ انتهى.