نفي امتناع العدم. وقد سبق إلى كثير من الأوهام ، أن للإمكان العام مفهوما واحدا ، يعم الإمكان الخاص. والوجوب والامتناع ، هو سلب ضرورة أحد الطرفين ، أعني الوجود والعدم وهو بعيد جدا. إذ لا يفهم هذا المعنى من إمكان الشيء على الإطلاق ، بل إنما يفهم من إمكان وجوده نفي الامتناع ، ومن مكان عدمه نفي الوجوب. ولهذا يقع الممكن العام مقابلا للممتنع ، شاملا للواجب كما في تقسيم الكلي إلى الممتنع ، وإلى الممكن الذي أحد أقسامه أن يوجد منه فرد واحد ، مع امتناع غيره كالواجب ، وبهذا ينحل ما يقال على قاعدة كون نقيض الأعم أخص من نقيض الأخص ، من أنه لو صح هذا الصدق (١) في قولنا : كل ما ليس بممكن عام ليس بممكن خاص ، لكنه باطل ، لأن كل ما ليس بممكن خاص ، فهو إما واجب أو ممتنع ، وكل منهما ممكن عام ، فيلزم أن كل ما ليس بممكن عام فهو ممكن عام.
(قال : وقد يعتبر بالنظر إلى الاستقبال ، ومن اشترط فيه العدم في الحال كأنه أراد به إمكان طريان الوجود في المستقبل ، ففي إمكان العدم يشترط الوجود في الحال ، ولا يلزم الجمع بين النقيضين).
بمعنى جواز وجود الشيء في المستقبل ، من غير نظر إلى الماضي والحال ، وذلك لأن الإمكان في مقابلة (٢) الضرورة ، وكلما كان الشيء أخلى عن الضرورة كان أحق باسم الممكن ، وذلك في المستقبل ، إذ لا يعلم فيه حال الشيء من الوجود والعدم ، بخلاف الماضي والحال ، فإنه قد تحقق فيهما وجود الشيء أو عدمه ، ومنهم من اشترط في الممكن الاستقبال العدم في الحال. لأن الوجود ضرورة ، فيجب الخلو عنه.
ورد ؛ بأن العدم أيضا ضرورة ، فيجب الخلو عنه أيضا ، (٣) وتحقيقه أنه
__________________
(١) سقط من (أ) حرف الجر (في).
(٢) في (ب) مقابل بدلا من (مقابلة).
(٣) سقط من (ب) لفظ (أيضا).