كانت الأمة أولى بذلك وأحق بالمسامحة في العبادة ، وهذا من أكبر المنافيات لمنصب الدعوة إلى الله تعالى والقرب منه (١).
ثامنا : أنه تعالى قال : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٥) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٦)) (الماعون / ٥ ـ ٦) حيث جعل السهو صفة نقص ، ودخيلا في استحقاق الويل ، بلا فرق بين ما يوجب ترك أصل الصلاة أو أجزائها لأنهما معا ناشئان من السهو عنها ، فكيف يكون النبي من الساهين ، بل لو سها كان أولى الناس بالويل (٢).
هذا وقد وجّه بعضهم كلام الصدوق بأنّ :
«تجويز النسيان عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الركعتين ، وأنه تعالى أنامه عن الصلاة حتى خرج وقتها ، كل ذلك إشارة إلى أنه سبحانه أمره بذلك ، أو يكون ذلك من خصائصه من باب تبديل الواقع عليه وعمله بالواقع المتبدل في حقه ...» (٣).
يجاب عنه :
إنّ كون هذا من باب الأمر الإلهي ، أو من مختصاته صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر لا يمكن قبوله وذلك لاستدعائه التنفير وعدم الوثوق ، وهذا عام يشمل كل حالاته وأفعاله ، فإنّ الله سبحانه لا يأمر نبيه بشيء يستدعي جعله سخرية للناس مما يستتبع توهينه وعدم الاعتماد على شيء من أقواله وأفعاله ، هذا مضافا إلى أن النسيان والغفلة عن الصلاة من أظهر مصاديق الرجس المرفوع عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذهاب الرجس عن النبي يشمل كل حالاته سواء قبل التبليغ أم معه أم بعده ، فلا يمكن ردّ النص القرآني فيما لو تعارض مع النص الظني كما في الخبر المتقدم.
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ١ ص ٣٨٢.
(٢) نفس المصدر : ج ١ ص ٣٨١.
(٣) المعارف السلمانية : ص ٥٦.