٣ ـ أسهاه الله تعالى في الصلاة ليفقّه الناس في أحكام الدين ويعلّمهم أحكام السهو ، فعن الحسن بن صدقة قال : قلت لأبي الحسن الأول عليهالسلام : أسلّم رسول الله في الركعتين الأولتين؟ فقال : نعم ، قلت : وحاله حاله (أي وحاله في الجلالة والرسالة ما هو معروف) قال : إنما أراد الله عزوجل أن يفقههم (١) ، تلخّص مما ذكر أنّ ثمة أمورا ثلاثة اعتمد عليها القوم :
الأول : لئلا يعيّر المؤمن أخاه المؤمن.
الثاني : لئلا يؤلّه النبي ويتخذ ربّا.
الثالث : حتى يفقّههم ويعلّمهم أحكام السهو.
لكن ينقض على هذا :
أولا : إنّ الروايات التي استدلّ بها على إثبات السهو لا بدّ من طرحها وذلك لمخالفتها :
أ ـ العقل القاضي بوجوب عصمة النبي عن السهو والنسيان كما عرفت سابقا.
ب ـ والإجماع القطعي ، وخروج الصدوق وأستاذه لا يقدح بصحته وانعقاده ، لأن وجود إجماع كهذا من قبل الطائفة مع كون الروايات بمرأى من أعينهم ، دليل على بطلان مفاد تلك الروايات المستدلّ بها على المطلب ، مضافا لضعف أسانيدها ، ولو سلّمنا بصحة أسانيد بعضها ، لكنّ الرواية مع صحتها ، تزداد ضعفا بإعراض الطائفة عنها وذلك لما يدلّ عليه الإعراض على مزيد من الخلل في الرواية.
ج ـ معارضتها للأخبار الصحيحة سندا والمعتبرة دلالة ، وموافقتها لأخبار العامة ، لأنّ الأخبار التي تمسّك بها الصدوق آحاد مروية بطرق العامة لا تناهض المرويات المتواترة النافية للسهو والنسيان ، لأنّ الخبر الواحد لا يقاوم المتواتر والمقطوع بصحته.
فإذا كانت من أخبار الآحاد وموافقة لأخبار العامة كيف يجوز الأخذ بها ، وترك ما عملت به الطائفة الإمامية ، مع تأكيد النصوص عنهم بطرح الأخبار الموافقة للعامة عند التعارض لأنّ الرشد في خلافهم.
__________________
(١) فروع الكافي : ج ٣ ص ٣٥٦ ح ٣.