فرجهم إلّا بعد ألف سنة ليئسوا ورجعوا عن الدين ، ولكنهم أخبروا شيعتهم بتعجيل الفرج ، وربما أخبروهم بأنه يمكن أن يحصل الفرج في بعض الأزمنة القريبة ليثبتوا على الدين ويثابوا بانتظار الفرج. هذه أهم الوجوه في حكمة البداء فظهر بذلك أهمية وتأثير لوح المحو والإثبات في حصول بعض الأعمال خيرها وشرّها.
النقطة الخامسة : أقوال علماء الإمامية في مسألة البداء :
١ ـ قال الشيخ المفيد (قدسسره) :
قول الإمامية في البداءة طريقه السمع دون العقل ، وقد جاءت الأخبار به عن أئمة الهدى عليهمالسلام ، والأصل في البداء هو الظهور ، قال الله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (الزمر / ٤٨) ، يعني به ظهر لهم من أفعال الله تعالى بهم ما لم يكن في حسبانهم وتقديرهم وقال : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ) (الزمر / ٤٩) يعني ظهر لهم جزاء كسبهم وبان لهم ذلك ، وتقول العرب قد بدا لفلان عمل حسن وبدا له كلام فصيح كما يقولون بدا من فلان كذا فيجعلون اللام قائمة مقامه ، فالمعنى في قول الإمامية ، بدا لله في كذا أي ظهر له فيه ومعنى ظهر فيه أي ظهر منه ، وليس المراد منه تعقب الرأي ووضوح أمر كان قد خفي عنه وجميع أفعاله تعالى الظاهرة في خلقه بعد أن لم تكن فهي معلومة فيما لم ينزل ، وإنما يوصف منها بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره ولا في غالب الظن وقوعه ، فأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله فلا يستعمل فيه البداء ، وقول أبي عبد الله عليهالسلام : ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ، فإنما أراد به ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه وقد كان مخوفا عليه من ذلك مظنونا به فلطف له في دفعه عنه وقد جاء الخبر بذلك عن الصادق عليهالسلام فروي عنه أنه قال : كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه ، وقد يكون الشيء مكتوبا بشرط فيتغير الحال فيه قال الله تعالى : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ).
فتبين أن الآجال على ضربين :
ضرب منها مشترط فيه الزيادة والنقصان ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) (فاطر / ١٢) وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف / ٩٧) ، فبيّن أن آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبر والانقطاع بالفسوق ، وقال تعالى فيما خبّر به عن نوح عليهالسلام في خطابه لقومه : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١١) يُرْسِلِ السَّماءَ