التناسخ خروج النفس من بدن وانتقالها إلى بدن آخر» ، فقد أخذ هنا خصوصية التحوّل والانتقال ولم تلحظ خصوصية التعاقب.
ثمّ إنّ القائلين بالتناسخ طرحوا ثلاث نظريات ، وهي :
الف : التناسخ المطلق أو اللامحدود.
ب : التناسخ النزولي المحدود.
ج : التناسخ الصعودي المحدود.
إنّ هذه النظريات الثلاث جميعها تشترك ـ من جهة الإشكال ـ في كونها مضادة للمعاد ولا تنسجم معه (١) ، وذلك لأنّ النوع الأوّل باطل من وجهة النظر الفلسفية ويتعارض مع المعاد تعارضاً تامّاً ، وأمّا النوع الثالث فإنّه غير صحيح من وجهة النظر الفلسفية فقط ، وإن كان الاعتقاد به لا يتنافى مع فكرة المعاد ، وكذلك الكلام في النوع الثاني فإنّه لا يتنافى مع المعاد من جميع الجهات ، ولكن باعتبار أنّ
__________________
(١). وللمحقّق اللاهيجي في هذا الصدد كلام قال فيه : أمّا التناسخ فلم يقل به من الحكماء المشائين أحدٌ ، ولقد كان أرسطاطاليس وأتباعه من قدماء المشّائين المسلمين من الجادِّين في إبطال نظرية التناسخ شكر الله سعيهم.
وفي مقابل هؤلاء كان حكماء الهند والصين وبابل من الجادّين في إمكان التناسخ ، بل وقوعه أيضاً. وادّعى شيخ الإشراق وأتباعه انّ قدماء حكماء اليونان ومصر وفارس مالوا جميعاً إلى التناسخ في نفوس الأشقياء فقط ، وهذه الطائفة وإن كانت مختلفة في الانتقال من النوع إلى النوع الآخر ، ولكنّهم يتّفقون على خلاص النفس وتحررها في نهاية المطاف من التردّد بين الأبدان العنصرية ، واتّصالها بعالم الأفلاك أو بعالم المثال. ثمّ إنّ هذا التردد في الأبدان العنصرية يُعدّ عقاباً وتعذيباً لتلك النفوس الشّريرة وفقاً لهذه النظرية.
وأمّا استمرار النفس بالتردّد في الأبدان العنصرية دائماً فهو مذهب جماعة من الذين ينكرون الحكمة والتوحيد والحشر والثواب والعقاب ، وهذه النظرية تعدّ في الواقع من أدنى وأسفه نظريات التناسخ المطروحة. (گوهر مراد : ٤٧٢ ، المقالة ٣ ، الباب ٤ ، الفصل ٧ وهو باللغة الفارسية).