حياته يقوم بارتكاب ذلك الفعل ولا يعجز عنه ، وهذا يعني أنّهما يرجّحان الترك على الفعل ، لعلمهما بالعواقب الوخيمة للفعل ولا يقدمان عليه طيلة حياتهم ، ولكنّ ترك الفعل شيء وعدم القدرة على ارتكابه شيء آخر كما هو واضح.
وبعبارة أُخرى يمكن القول : إنّ صدور مثل هذه الأفعال من الإنسان العاقل والراغب في سلامته يُعدّ من قبيل المحال العادي لا المحال العقلي ، ولا ريب أنّ الفرق بين الاستحالتين واضح جداً ، ففي المحال العادي يكون صدور الفعل من الفاعل ممكناً بالذات غير أنّه يرجّح أحد الطرفين على الآخر بنوع من الترجيح ، بخلاف المحال العقلي فإنّ الفعل فيه يكون ممتنعاً بالذات فلا يصدر لعدم إمكانه الذاتي ، فعلى سبيل المثال صدور القبيح منه سبحانه أمر ممكن بالذات بمعنى أنّه داخل في إطار قدرته ، فهو يستطيع أن يدخل المطيع في نار جهنم والعاصي في نعيم الجنة ، غير أنّه لا يصدر منه ذلك الفعل لكونه مخالفاً للحكمة ، فإنّ مقتضى الحكمة إثابة المطيع لا تعذيبه.
وعلى هذا الأساس لا يعتبر «عدم القيام بالفعل» دليلاً على عدم القدرة عليه ، فالفرد المعصوم وبسبب التقوى العالية والعلم القطعي بآثار المآثم والمعاصي وبسبب استشعاره بعظمة الخالق يتجنّب اقتراف الذنوب واكتسابها وإن كان قادراً على ذلك.
الرؤية القرآنية
يمكننا ومن خلال الآيات المباركة التالية أن نطّلع على نظرية القرآن الكريم في هذا المجال ، فقد قال سبحانه :