من ذهب وكنوز سائرة ، فقال : ضعيها مع أخواتها ، فوضعتها فسارت (١).
ومن ذلك : ما رواه عمّار بن ياسر قال : كنت مع سيدي أمير المؤمنين عليهالسلام يوما في بعض صحاري الحيرة ، وإذا راهب يضرب ناقوسه ، فقال لي : يا عمّار أتدري ما يقول الناقوس؟
فقلت : يا مولاي ، وما تقول الخشبة؟ فقال : إنها تضرب مثلا للدنيا وتقول :
أهل الدنيا خلوا الدنيا |
|
مهلا مهلا رفقا رفقا |
إن المولى صمد يبقى |
|
حقا حقا صدقا صدقا |
يا مولانا إن الدنيا |
|
قد أهوتنا واستغوتنا |
ما من يوم يمضي منها |
|
إلّا أوهت منا ركنا |
لسنا ندري ما قدّمنا |
|
فيها إلّا إذ قد متنا |
قال عمار : فأتيت الراهب من الغد فقلت له : اضرب الناقوس.
فقال : وما تفعل به وأنت مسلم؟
فقلت : لأريك سرّه ، قال : فأخذ يضرب ناقوسه ، وأنا أتلو عليه ما يقول ، فخرّ ساجدا وأسلم ، وقال : إنّ عندي بخط هارون بن عمران بيده أن الله يبعث في الاميين رسولا له وزير يعلم ما يقول الناقوس (٢).
ومن ذلك ما روي من كراماته : أن فرعونا لمّا لحق هارون بأخيه موسى دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه ، فإذا فارس يقدمهما ولباسه من ذهب ، وفي يده سيف من ذهب ، وكان فرعون يحبّ الذهب فقال لفرعون : أجب هذين الرجلين وإلّا قتلتك ، فانزعج فرعون لذاك وقال : عودا إليّ غدا ، فلما خرجا دعا البوّابين وعاقبهم ، وقال : كيف دخل عليّ هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفا بعزّة فرعون ما دخل إلّا هذان الرجلان ، وكان الفارس مثال علي الذي أيّد الله به النبيّين سرّا ، وأيّد به محمدا جهرا ، لأنه كلمة الله الكبرى التي أظهرها الله لأوليائه فيما شاء من الصور فنصرهم بها ، وبتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم وينجيهم ، وإليه الإشارة في
__________________
(١) بحار الأنوار : ٤١ / ٢٧٣ ح ٢٩ بتفاوت بسيط.
(٢) بحار الأنوار : ٤٠ / ١٧٢ ح ٥٤ وفيه : يفسّر ما يقول الناقوس.