المذكور ، وهو أن لازم ذلك عدم دوران الحكم مدار موضوعه حدوثاً وبقاءاً .
وأمّا القضايا الحقيقية فبما أنها غير ناظرة للخارج الفعلي بل مرجعها لقضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له فلا يتصور فيها حال الانقضاء أبداً حتى يرد الاشكال السابق ، فمثلاً الآية المذكورة ( والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) (١) مرجعها الى أن من كان سارقاً فحكمه قطع يده فلا يتصور حينئذٍ انقضاء مبدأ السرقة ، لأن الموضوع مفروض التحقق والحصول (٢) . ولكن هذا الجواب ـ بنظرنا ـ غير واف برد الأشكال لأَمرين :
الْأَول : إنه لا فرق بين القضايا الخارجية والقضايا الحقيقية في التعليق على عنوان فعلي تارة وعنوان زال التلبس به أخرى فيقال ـ مثلاً ـ أكرم العالم ويقال أكرم زائر الحسين عليه السلام ، فالْأَولى قد علق فيها الْأمر بالاكرام على عنوان فعلي التلبس والثانية قد علق فيها الْأَمر على عنوان زال التلبس به حين الحكم .
الثاني : إن الفارق الجوهري بين القضايا الحقيقية والخارجية كون الموضوع فعلياً في الخارجية مفروضاً في الحقيقية ، وكونه مفروض الحصول لا يعني دوران الحكم مداره حدوثاً وبقاءاً ، فمن المحتمل كون المراد بالمقدم في القضية الحقيقية فرض حدوث الموضوع والمراد بالتالي فعلية الحكم عند حدوث الموضوع سواءاً بقي ببقائه أم لا ، فإن مناسبة الحكم للموضوع في القضية الحقيقية قد تقتضي تقارنهما حدوثاً وبقاءاً نحو خذ بقول العادل ، وقد تقتضي عدم تقارنهما نحو اجلد الزاني ، مع أن الجميع قضية حقيقية قد فرض فيها تحقق الموضوع ليترتب عليه الحكم المزبور .
وحل الاشكال حينئذٍ في النوع الثاني من القضايا ـ أي القضايا
__________________
(١) المائدة : ٥ / ٣٨ .
(٢) محاضرات في أُصول الفقه : ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ .