موضعاً لترتيب الآثار العقلائية الا مع وجود المصحح المنسجم مع المصالح العقلائية والمنبعث عن تمام الجهات الدخيلة في تشكيل هذه الوحدة ، فمثلاً لو أراد الجهاز الاداري في بلد ما اعتبار منطقة من المناطق مدينة مستقلة في شؤونها البلدية والاقليمية فلا بد في تشكيل هذه الوحدة من ملاحظة تمام الجهات الدخيلة في ذلك ، كحدود المنطقة ، ومقدار بعدها عن المناطق الاخرى ، وعدد السكان في بلوغه النصاب الكافي للاستقلال وعدمه ، وإمكانية التعايش مع سكان المناطق الأخرى وعدمه ، وتوحد اللغة السائدة وكثرتها ، فلا يكتفي في مقام اعتبار الوحدة بوجود جهة واحدة بل لا بد من ملاحظة تمام الجهات الدخيلة ليكون الاعتبار منسجماً مع المصالح العقلائية وموضعاً لترتيب الآثار عليه .
وهذا هو المراعى في وحدة العلم أيضاً ، فالمصنف والمدون لعلم معين لا بد له في تشكيل الوحدة من ملاحظة تمام الجهات الدخيلة في ذلك كوحدة الهدف ، أو وجود التسانخ الذاتي في الموضوع أو المحمول بين مسائل العلم ، أو ملاحظة الفترة الزمنية لاستيعاب العلم أيضاً ، فإن هذه جهة مهمة فإن أقصى مدة لدراسة أي علم تستغرق لا محالة ثلث عمر الإِنسان الاعتيادي بحيث يمكنه الانتفاع به وإبراز آثاره في المجتمع العقلائي وإلّا فالعلم المستغرق لعمر الانسان في دراسته لا يعد عند العقلاء علماً واحداً ، فمثلاً علم الطب كان يكتفى في دراسته قديماً بكتاب القانون لابن سينا ويصبح الانسان بعد ذلك طبيباً ، ولكن لما اتسعت جهاته بحيث لا يمكن للشخص العبقري التخصص في أكثر من ثلاثة فروع حسب العمر الاعتيادي للانسان أصبح علوماً متعددة وتخصصات مختلفة ، وإن كان بين هذه العلوم تسانخ في الموضوع أو المحمول .
وكذلك
علم الهندسة حيث كان تابعاً فيما سبق لعلم الحساب وأصبح