مع أنّه لا يجوز للمقلّد أن يكفّر إن لم تُجمع الأمّة على قول متبوعه.
فبيّنوا لنا : من أين أخذتم مذهبكم هذا؟
ولكم علينا عهد الله وميثاقه إن بيّنتم لنا حتماً يجب المصير إليه ، لنتّبع الحقّ إن شاء الله.
فإن كان المراد مفاهيمكم.
فقد تقدّم أنّه لا يجوز لنا ولا لكم ولا لمن يؤمن بالله واليوم الآخر الأخذ بها ، ولا نكفّر من معه الإسلام الذي أجمعت الأمّة على [أنّ] من أتى به فهو مسلم.
فأمّا الشرك ففيه أكبر وأصغر ، وفيه كبير وأكبر ، وفيه ما يُخرج من الإسلام ، وفيه ما لا يُخرج من الإسلام ، وهذا كلّه بإجماعٍ.
وتفاصيل ما يُخرج ممّا لا يُخرج يحتاج إلى تبيين أئمّة أهل الإسلام الذين اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد ، فإن أجمعوا على أمرٍ لم يسع أحداً الخروج عنه ، وإن اختلفوا فالأمر واسع.
فإن كان عندكم عن أهل العلم بيانٌ واضحٌ فبيّنوا لنا ـ وسمعاً وطاعةً ـ.
وإلّا ، فالواجب علينا وعليكم الأخذ بالأصل المجمع عليه ، واتّباع سبيل المؤمنين.
وأنتم تحتجّون أيضاً بقوله عزوجل (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١).
وبقوله عزوجل في حقّ الأنبياء : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢).
وبقوله تعالى : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) (٣).
__________________
(١) الزمر : ٦٥.
(٢) الأنعام : ٨٨.
(٣) آل عمران : ٨٠.