الرابع عشر : إن هذا اتفاق من أهل الإسلام حكاه غير واحد ، منهم الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي (قال في هذا الكتاب) قال أهل السنة : إن الله بكماله فوق عرشه ، يعلم ويسمع من فوق العرش ، لا يخفى عليه خافية من خلقه (١).
وقال سعيد بن عامر الضبعي إمام أهل البصرة على رأس المائتين وذكر عنده الجهمية فقال : هم شر قولا من اليهود والنصارى ، قد اجتمع أهل الأديان من المسلمين وغيرهم على أن الله فوق السموات على العرش ، وقالوا هم ليس على العرش شيء (٢).
__________________
ـ في السماء وأن الله في أعلى عليين ، وأن الله يدعى من أعلى لا من أسفل ، واحتج بأن الله في أعلى عليين وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل وكل من هاتين الحجتين فطرية عقلية ، فإن القلوب مفطورة على الإقرار بأن الله عزوجل في العلو وعلى أنه يدعى من أعلى لا من أسفل ، وكذلك أصحابه من بعده كأبي يوسف ، وهشام بن عبيد الله الرازي.
كما روى ابن أبى حاتم وشيخ الإسلام بأسانيدها أن هشام بن عبيد الله الرازي صاحب محمد بن الحسن قاضي الري حبس رجلا في التجهم ، فتاب فجيء به إلى هشام ليمتحنه ، فقال : الحمد لله على التوبة ، فامتحنه هشام فقال : أشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه ، فقال : أشهد أن الله على عرشه ولا أدرى ما بائن من خلقه فقال : ردوه إلى الحبس ، فإنه لم يتب أ. ه.
(١) أورده الحافظ الذهبى فى «العلو» ثم قال : قال أبو الفضل الفرات : ما رأينا مثل عثمان بن سعيد ، ولا رأى هو مثل نفسه ، أخذ الحديث عن يحيى بن معين وابن المدينى ، والفقه عن البويطى ، والأدب عن ابن الأعرابى ، فتقدم في هذه العلوم ، قال الذهبي : ولحق مسلم بن إبراهيم ، وسعيد بن أبي مريم والطبقة ، وما هو في العلم بدون أبى محمد الدارمي السمرقندي ، مات بعد الثمانين ومائتين بسجستان وفي كتابه بحوث عجيبة مع المريسى يبالغ فيها في الإثبات ، السكوت عنها أشبه بمنهج السلف في القديم والحديث أ. ه.
أنظر «النقض على المريسى» (ص ٢٥ ، ٧٩ ، ٨٢ ، ٨٣).
قلت : وعثمان بن سعيد الدارمى ، غير أبو محمد الدارمى صاحب «السنن».
فذاك متقدم تاريخه (١٨١ ـ ٢٥٥ ه).
(٢) سعيد بن عامر الضبعى (١٢٢ ـ ٢٠٨ ه) وأثره أورده الذهبى في «العلو» كما جاء في «المختصر» (ص ١٦٨).