إلى الإلحاد من باب نفي الصفات والتجهم.
وطريق الرد المستقيم في إبطال قوله وقول المعطلة جميعا أن يقال : لا يخلو إما يكون الرسول يعرف ما دل عليه العقل بزعمكم من إنكار علو الله على خلقه واستوائه على عرشه. وتكليمه لرسله وملائكته. أو لم يعرف ذلك؟ فإن قلتم لم يكن يعرفه. كانت الجهمية المعطلة والملاحدة والمعتزلة والقرامطة والباطنية والنصيرية والإسماعيلية وأمثالهم (١) أعلم بالله وأسمائه وصفاته. وما يجب له ويمتنع عليه من رسله وأتباعهم ، وإن كان يعرفه امتنع أن لا يتكلم به يوما من الدهر مع أحد من خاصته وأهل سره.
ومن المعلوم قطعا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يتكلم مع أحد بما يناقض ما أظهر للناس. ولا كان خواص أصحابه يعتقدون فيه نقيض ما أظهر للناس. بل كل من كان به أخص وبحاله أعرف كان أعظم موافقة له وتصديقا له على ما أظهره وبينه وأخبر به. فلو كان الحق في الباطن خلاف ما أظهره لزم أحد الأمرين : إما أن يكون جاهلا به. أو كاتما له عن الخاصة والعامة ومظهرا خلافه للخاصة والعامة. وهذا من أعظم الأمور امتناعا. ومدعيه في غاية الوقاحة والبهت. ولهذا لما علم هؤلاء أنه يستحيل كتمان ذلك عن خواصه وضعوا أحاديث بينوا فيها أنه كان له خطاب مع خاصته غير الخطاب العامي. مثل الحديث المختلق المفترى عن عمر أنه قال «كان رسول صلىاللهعليهوسلم يتحدث مع أبي بكر وكنت كالزنجي بينهما» (٢) ومثل ما يدعيه الرافضة أنه كان عند علي علم خاص يخالف هذا الظاهر.
ولما علم الله تعالى أن ذلك يدعي في على وفق من سأله : هل عندكم من رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيء خصكم به دون الناس؟ فقال «لا. والذي فلق الحبة وبرأ
__________________
(١) تقدم التعريف بتلك الفرق.
(٢) (موضوع) وذكره الشوكاني في «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» في (مناقب الصحابة / ١٧) وقال : قال ابن تيمية : موضوع أه وانظره بتحقيقنا ط نزار الباز ـ مكة المكرمة.