١٨٥٧ م) وهو يضيف الحقيقة تارة إلى الفرد وأُخرى إلى المجتمع ، وإليك فيما يلي توضيح هذه النظرية :
إنّ فكرةً ما إنّما تكون حقيقة لدى الفرد ، عند ما تكون موافقة لسائر أفكاره وملائمة لها. وتكون خاطئة إذا كانت هناك مطاردة بينها وبين سائر أفكاره.
وتكون الفكرة حقيقة لدى المجتمع ، إذا كانت مقبولة لدى أبنائه ، يتفقون عليها قولاً وعملاً. فما داموا متفقين عليها فهي موصوفة بالحقيقة ، فإذا تغيّرت آراؤهم إلى فكرة أُخرى ، تكون الأولى خاطئة والأخيرة هي الصائبة.
مثلاً : انّ فرضية «بطليموس» (١) (٩٠ ـ ١٦٨ م) القائلة بأنّ الأرض ثابتة لا تتحرك ، والأفلاك تدور حولها ، كانت مقبولة لدى الناس والعلماء في العصور الغابرة مدة تمتد أكثر من خمسة عشر قرناً. فهي ـ إذن ـ كانت حقيقة وصحيحة في تلك الأعصار ، ولا يضرها مخالفة عدد قليل من العلماء (٢) لبعض جزئياتها.
وفي مطلع الحضارة الحديثة ، تغيّرت هذه الفرضية إلى فرضية أُخرى ساهم في إبداعها أقطاب علم الهيئة الأربعة :
١. كوبرنيك (٣) البولوني (١٤٧٣ ـ ١٥٤٣ م) ، فإنّه أنكر كون الأرض مركزاً تدور حوله الشمس والسيارات ، وبرهن على مركزية الشمس ودوران الأرض وسائر الكواكب السيّارة حولها.
٢. كپلر (٤) الألماني (١٥٧١ ـ ١٦٣٠ م) ، فإنّه أثبت أنّ كلّ سيّارة تدور حول الشمس في مسار بيضاوي ، وأنّ السيارة القريبة من الشمس أسرع حركة من البعيدة عنها.
__________________
(١) eemelotP.
(٢) فقد كان أبو الريحان البيروني (٩٧٣ ـ ١٠٤٨ م) مخالفاً لسكون الأرض وكونها مركزاً للكون. كما كان الشيخ البهائي (المتوفّى ١٠٣٠ ه) لها أيضاً. ولكن لما كانت الأوساط العلمية خاضعة للنظرية ، لم تخرجها تلك المخالفة عن كونها حقيقة ، على مذهب كونت.
(٣)cinrepoC.
(٤)relpeK.