بموضوع خاص لا تتجاوزه ، بينما المعرفة الفلسفية هي معرفة حكم يعم موضوعات كثيرة.
وعلى ضوء ذلك ، فالمسائل الفلسفية ، نتيجة العلوم ، ولا تختلف عن المسائل العلمية إلّا بعلو درجة المعرفة ، فإذا كانت المعرفة راجعة إلى موضوع خاص ، تسمّى المعرفة معرفةً علميةً ، والمسألة المعلومة مسألةً علميةً. وأمّا إذا تجاوزت المعرفة موضوعاً معيناً وعمّت غالب الموضوعات أو جميعها ، فالمعرفة فلسفية والمسألة المعلومة مسألة فلسفية ، فليست المسائل الفلسفية متغايرة جوهراً مع المسائل العلمية.
هذا ما يذهب إليه أصحاب الفلسفة العلمية ونحن نعلّق عليه ما يلي :
١. إنّ ما ذكره أصحاب الفلسفة العلمية من هذه المراحل الثلاث لا ننكر منه شيئاً ، ولكن المعرفة العلمية عن طريق التجربة تحتاج إلى ضم حكم عقليّ إليها ، وأمّا نفس التجربة فلا تعطي قانوناً كليّاً في مجال العلم ، بل العقل إذا لاحظ وجود التماثل بين مورد التجربة وغيرها ، يحكم بسريان الحكم إلى جميع الموارد بحجة أنّ المتماثلين متساويان في الأحكام. ولو لا هذا الحكم لما تجاوز حكم التجربة مواردها. وقد تقدم الكلام في ذلك.
٢. إنّ المسائل الفلسفية تختلف عن المسائل العلمية جوهراً وذاتاً ، وليست المعرفة الفلسفية نتيجة لترقّي المعرفة العلمية حتّى يلزم كون المعرفة علميةً إذا كان الحكم مختصاً بموضوع ، وفلسفية إذا عمّت جميع الموضوعات ، فإنّ هذا التفسير خاطئ جداً ، بل المسائل الفلسفية تفترق عن العلمية موضوعاً ، وذلك انّ كلَّ معرفة تختص بالبحث عن أحوال الموجود الطبيعي المادي المتحيِّث بحيثيّة جسمانية أو رياضية أو هندسية ، فهو معرفة علمية ، وأبحاثها أبحاث علمية ، وإنْ عمّ الحكم جميع هذه الموضوعات.
فالعلم الباحث عن الخواص الظاهرية والباطنية للأجسام ، كعلمي الفيزياء والكيمياء ، والباحث عن أحكام الكم المنفصل كالحساب ، والكم المتصل كالهندسة ، و ... ، كلها مسائل علمية ، لأنّ الموضوع فيها مقيّدٌ بحيثية طبيعيّة ماديّة متبلورة في الحيثية الطبيعية أو التعليمية الحسابية أو الهندسية.