فانظر في هذا الكلام الذي هو صريح في أنهم هم القدرية ، وهو من كلام سيد البشر الصادق المصدق ، ومن كلام باب مدينة العلم ومن هو على الحق والحق معه.
ولهم شبه في هذه المسألة ، منها أخبار آحادية لا تقبل في مثل هذه المسألة ، ومع ذلك فهي محتملة فلا نشتغل بإيرادها ، وتعلقوا بقوله تعالى : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) [الأنفال : ٤٤] فبين أنه بعث المؤمنين على محاربة الكفار وجرأهم عليه ، وكذلك بعث الكفار على المؤمنين وجرأهم عليهم ليقضي ذلك.
والجواب : ليس في ظاهرها من هذه الدعوى شيء ، والمراد بالقضاء التمام فقلل الكفار في أعين المؤمنين ؛ ليجترءوا عليهم تثبيتا لهم ونصرا ، وقلل المؤمنين في أعينهم ؛ لئلا يحترزوا منهم خذلانا لهم ؛ ليتم ما وعد من نصر المؤمنين وخذلان عدوهم وهلاكهم بأيدي المؤمنين.
ومنها : قوله تعالى : (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ) [يوسف : ٤١].
والجواب : أن لفظ الأمر ليس فيه تصريح بما يدعيه الخصم ، وهو من الألفاظ المشتركة إلى غير ذلك مما لا تعلق لهم به من المتشابه.
وأيضا فإنه لا يصح الاستدلال بسمع قط لتجويزهم القبيح عليه تعالى ، ومع ذلك فما يؤمنهم أنه تعالى لم يرد بخطابه معنى من المعاني المفهومة ، بل تكلم به على جهة الهذر واللعب ، (فثبت بذلك) الذي ذكرنا (أنه لا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله وقدره) ، وبطل ما زعموا.
__________________
عن جده ـ عليهمالسلام ـ قال لما رجع علي ـ عليهالسلام ـ من صفين وسردها وذكرها جمع من أصحابنا ، وذكرها المقدّم لرسالة أبي مرة تأليف الحاكم الجشمي ، وذكر من رواها من الإمامية وغيرهم بصفحة ٥ ، ٦ من تلك المقدمة. قال الدامغاني في رسالته : اسم هذا الشيخ (أزور بن ضرار).