في وسطها من التفاف الأشجار.
وبها مشهد كان
مسلحة لعمر بن الخطّاب ، وكانت بها شجرة سدر عظيمة كلّ غصن منها كنخلة ودورة ساقها
سبعة أذرع ، والناس يأخذون قشرها ويتبخّرون به لدفع الحمّى ، وكان ينجع وذكروا
انّه قلّما يخطىء. فلمّا ولّي بابكين البصرة أشاروا إليه بقطعها لمصلحة ، وكان قد
ولّي البصرة مدّة طويلة وحسنت سيرتهم ، وكان هو في نفسه رجلا خيّرا ، فلمّا قطعها
أنكر الناس فعزل عن قريب عن البصرة.
وأمّا الجانب
الغربي من الابلة فخراب ، غير ان فيه مشهدا يعرف بمشهد العشار وهو مشرف على دجلة ،
وهو موضع شريف قد اشتهر بين الناس ان الدعاء فيه مستجاب. وكان في قديم الزمان بهذا
الجانب بنيان مشرف على دجلة وبساتين وقصور في وسطها ، وكان الماء يجري في دورها
وقصورها وقد امتحقت الآن آثارها ، فسبحان من لا يعتريه التغيّر والزوال!
أبهر
مدينة بأرض
الجبال كثيرة المياه والأشجار ، بناها سابور ذو الأكتاف.
قالوا : كانت
عيونا كلّها فسدّها سابور بالصوف والجلود ، وبنى المدينة عليها.
وهي في غاية
النزاهة من طيب الهواء وكثرة المياه والبساتين ، وخارجها أطيب من داخلها.
بها بساتين
يقال لها بهاء الدين اباد ، لم ير أكبر منها طولا وعرضا. وهي عامة ينزل فيها القفل
والعساكر لا يمنع أحد منها. ولها قهندز يتحصّن بها من خالف صاحب البلاد فبطلوها ،
والآن قالوا يأوي إليها السباع لا يجسر أحد أن يأتيها.
بها عين كلّ
نصل يسقى من مائها يبقى حادّا قطّاعا جدّا. والمدينة كلّها مشتملة على طواحين تدور
على الماء ، وأكثر ثمارها العنب والجوز ونوع من الكمثرى مدوّرة في حجم النارنج ،
يقال لها العبّاسي ، لذيذة جدّا ما في البلاد شيء