أحمده على ما عرفنا من توحيده ، وأشكره على ما خصنا به من تسديده ، وأستغفره لما سلف من عصيانه ، وأستوفقه بفضله وإحسانه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تصدر عن حقيقة يقين وعرفان ، لا عن تخمين وحسبان.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ونبيه وخليله ، بعثه بعد دروس السبل [الطرق] وطموس الملل ، وعبادة الأوثان وكثرة الطغيان واندراس البرهان ، فقام لدين الله ناصحا ، ولمعالم الشرك فاضحا ، ولعبادة الأصنام قامعا ، ولملة الإسلام شارعا ، وعن الآفة بريا ، وفى الدين قويا.
صلوات الله عليه وسلامه ، وعلى آله الذين اختارهم الله وطهرهم ، وأصحابه الذين اجتباهم وآثرهم.
أما بعد : فقد كثر سؤال الراغبين فى علم التذكير منا فى إملاء كتاب يشتمل على أبواب فى هذا الفن يكون تبصرة للمبتدئين ، وتذكره للمحققين ، وكنت أزهد فى الإجابة إلى ذلك لما ظهر من الخلل فى هذه الطريقة ، وإيثار كثير ممن ينتمى إلى هذه الصنعة العرض اليسير مما يجمعه من حطام الدنيا على ما أعد الله سبحانه لأهل العلم إذا نصحوا لله ولرسوله وللمؤمنين من الدرجات العلاء والمثوبة الحسنى.
ولما انضاف إلى خطأ مقاصدهم فى الأغراض ، خطأ مقالتهم ، وخطل كلماتهم حتى قلّ التحقيق وضاعت البدع على الأفواه وزال التمييز وكثر المتعاطون لهذه الحالة والمتصفون بهذه الصفة رأيت فى حكم النصيحة فى الدين ومقتضى ما أخذه الله على العلماء من ترك الكتمان للحق أن أملى كتابا جامعا يشتمل على حضور مجلس موسمى صالح من هذا العلم يتحقق به من