إلى ذلك الإمامان
الباقر والصادق عليهماالسلام .
لا ريب أنّ الله
لم يعن مثل هذا ، بل المراد جماعة خاصة لهم هذا المقام والشأن ، وهم الّذين قال
تعالى عنهم : (وَقُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى
عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، فإنّ سنخ اطّلاع هؤلاء على الأعمال وشهادتهم لها لدنّيّة
من الله تعالى ، كما إنّ مقتضى ما يعطيه لفظ «الوسط» بقول مطلق هو الوسطية في
الصفات والفضائل لا الإفراط ولا التفريط ، فهم النقباء.
كما إنّ الآية
السابقة ـ الآية الثانية المذكورة من سورة آل عمران ـ وهي قوله تعالى :
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، فهذه الأمّة الداعية إلى الخير ، والآمرة بالمعروف ،
والناهية عن المنكر ، على صعيد الحكم والإمامة هي جزء من مجموع المسلمين ، لا كلّ
المجموع.
كما إنّ لفظة (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) تعطي مفهوم خروجها من الأصلاب ، وفيه إشارة إلى دعوة
إبراهيم عليهالسلام حين قال : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا
مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) وذلك بعد ما حكى الله عنه ما قاله في قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ
بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ
ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
وكما قال تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ
وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي
فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ* وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ) أي جعل التوحيد والعصمة من الشرك كلمة باقية في عقب
إبراهيم من نسل إسماعيل ، فكان تقلّب الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم في الأصلاب والأجداد الطاهرين من الشرك والوثنية ، قال
تعالى : (الَّذِي يَراكَ حِينَ
تَقُومُ*
__________________