في فقرات الصلاة الأُولى ، ممّا يشتمل على التكبيرات الأُولى ، والإقرار بالشهادتين ، والصلاة على النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وآله ، والدعاء للمؤمنين; لأنّ هذه الفقرات لا صلة لها بالميّت والجنازة ، وهي فقط ذكر لله تعالى وإقرار له بالربوبيّة ، وللرسول بالرسالة ، ودعاء للنبيّ وآله ، ثمّ للمؤمنين ..
بل الذي نُهي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عنه هو : الفقرة الأخيرة من الصلاة ، التي ترتبط بالميّت نفسه ، وتتضمّن الشهادة له بالصلاح والخير ، والدعاء والاستغفار له ; ولهذا صار (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يكبّر على جنازة المؤمن خمس تكبيرات ، وعلى جنازة المنافق أربع تكبيرات ، إلى آخر حياته الشريفة (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
ولم يقطع (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إقامة الصلاة عند جنائز المنافقين ; بل ترك التكبيرة الخامسة فقط; لأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يدعو للميّت في ما بين التكبيرة الرابعة والخامسة ويستغفر ويتشفّع له ، وهذا ما تركه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من صلاته على جنائز المنافقين ، مكتفياً بما بين التكبيرات الأربع ممّا لا صلة له بالميّت.
وإلى هذا المعنى تشير جملة من الروايات الواردة عن أهل بيت النبوّة (عليهم السلام) :
ففي موثّق يونس : قال : ((سألت أبا عبد الله (ع) عن الجنازة ، أُصلّي عليها على غير وضوء؟
فقال : نعم ، إنمّا هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل (١).
وفي صحيح محمّد بن مسلم : عن أبي جعفر (ع) ، قال : ((تصلّي على الجنازة في كلّ ساعة ، إنّها ليست بصلاة ركوع وسجود)) (٢).
وفي معتبرة الفضل بن شاذان : عن الرضا (ع) ، قال : ((إنّما جوّزنا الصلاة على الميّت بغير وضوء ; لأنّه ليس فيها ركوع ولا سجود ، وإنّما هي دعاء ومسألة ، وقد يجوز أن تدعو الله وتسأله على أيّ حال كنت)) (٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨٩/٣ ـ أبواب صلاة الجنازة ب ٧ ح ٢.
(٢) وسائل الشيعة ٩٠/٣ ـ أبواب صلاة الجنازة ب ٨ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ١١١/٣ ـ أبواب صلاة الجنازة ب ٢١ ح ٧.