وغيرها من المسائل الخطيرة الخلافية في الاعتقادات.
ثمّ أنّهم اشترطوا في التوبة الاجتناب ممّن كان يواليه من أتباع أهل البيت عليهمالسلام ويوالي من كان يعاديه من أهل سنّة الجماعة ولم يذكروا ذلك في الناصبة الذين عادوا أهل البيتعليهمالسلام ، ولم يعتبروهم من أهل البدع بل من أهل سنّة الجماعة الذين اشترط موالاتهم في التوبة المتقدمة. وقال الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي :
شيعي جلد ، لكنّه صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال : كان غالبا في التشيّع ، وقال السعدي : زائغ مجاهر. فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحدّ الثقة العدالة والإتقان؟! فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟!
وجوابه : أنّ البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلوّ التشيّع أو كالتشيّع بلا غلو ولا تحرف ، فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة ، وهذه مفسدة بيّنة ثم بدعة كبرى ، كالرفض الكامل والغلو فيه ، والحطّ على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامة. وأيضا فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا ، بل الكذب شعارهم ، والتقية والنفاق دثارهم ، فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا ، فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممّن حارب عليّا رضي الله عنه ، وتعرّض لسبّهم ، والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفّر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضا ، فهذا ضالّ معثّر ، ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلا ، بل قد يعتقد عليّا أفضل منهما (١). انتهى.
__________________
(١). ميزان الاعتدال ١ / ٥.