صلاحه في ما تعبّد به؟!
فإن قيل : قوله نصّ قاطع يضادّ الظنّ ، والظن يتطرّق إليه احتمال الخطأ ، فهما متضادّان ؛ قلنا : إذا قيل له : ظنّك علامة الحكم ، فهو يستيقن الظنّ والحكم جميعا فلا يحتمل الخطأ ، وكذلك اجتهاد غيره عندنا ، ويكون كظنّه صدق الشهود ، فإنّه يكون مصيبا وإن كان الشاهد مزوّرا في الباطن.
فإن قيل : فإن ساواه غيره في كونه مصيبا بكلّ حال فليجز لغيره أن يخالف قياسه باجتهاد نفسه! ؛ قلنا : لو تعبّد بذلك لجاز ، ولكن دلّ الدليل من الإجماع على تحريم مخالفة اجتهاده ، كما دلّ على تحريم مخالفة الأمّة كافّة ، وكما دلّ على تحريم مخالفة اجتهاد الإمام الأعظم والحاكم ؛ لأنّ صلاح الخلق في اتّباع رأي الإمام والحاكم وكافّة الأمّة ، فكذلك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن ذهب إلى أنّ المصيب واحد يرجح اجتهاده لكونه معصوما عن الخطأ دون غيره ومنهم من جوّز عليه الخطأ ولكن لا يقرّ عليه.
فإنّ قيل : كيف يجوز ورود التعبّد بمخالفة اجتهاده ، وذلك يناقض الاتّباع ، وينفّر عن الانقياد؟! قلنا : إذا عرّفهم على لسانه بأنّ حكمهم اتّباع ظنّهم وإن خالف ظنّ النبيّ ، كان اتّباعه في امتثال ما رسمه لهم كما في القضاء بالشهود ، فإنّه لو قضى النبيّ بشهادة شخصين لم يعرف فسقهما ، فشهدا عند حاكم عرف فسقهما لم يقبلهما.
وأمّا التنفير ، فلا يحصل ، بل تكون مخالفته فيه كمخالفته في الشفاعة وفي تأبير النخل ومصالح الدنيا.
فإنّ قيل : لو قاس فرعا على أصل أفيجوز إيراد القياس على فرعه أم لا؟ إن قلتم : لا ؛ فمحال ؛ لأنّه صار منصوصا عليه من جهته. وإن قلتم : نعم ؛ فكيف يجوز القياس على الفرع؟! ؛ قلنا : يجوز القياس عليه وعلى كلّ فرع أجمعت