حدوده (١) ، وامّا مبتلاة بمعارضات أقوى منها. (٢)
وجماع القول في حق تلك الروايات ـ على فرض قبول أسانيدها ـ أنّها إمّا ناظرة إلى التأويلات (٣) ، أو أنّ ما نزل عليه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان أكثره من هذا الموجود ، ومن الواضح أنّ النسبة بين المنزل من الله عليه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والقرآن ، العموم المطلق ، إذ كلّ قرآن منزل
__________________
(١). والدليل الدال ما ورد بهذا المعنى في الكافي (ج ٨ ، ص ٥٣) عن أبي جعفر الباقر (ع) في رسالته إلى سعد الخير : «وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ...».
ولتوضيح الحكومة نقول : إنّ روايات التحريف جاءت على طوائف ليست متحدة في المفاد ، فمن تلك الطوائف روايات جاء فيها لفظ «التحريف» وتدل على التحريف بعنوانه ، وهي تبليغ عشرين رواية ؛ فمنها ما رواه الكليني (الكافي ج ٨ ، ص ١٢٥) والصدوق (الخصال ، باب الثلاثة ، ص ١٧٤) والكشّي (اختيار معرفة الرجال ، ص ٤) بإسنادهم عن علي بن سويد ، قال : «كتبت إلى أبي الحسن موسى (ع) وهو في الحبس كتابا إلى أن ذكر جوابه (ع) بتمامه ، وفيه قوله (ع) : اؤتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه».
ومنها ما عن الصدوق (الخصال ، ص ١٧٥) بإسناده عن جابر عن النبي (ص) قال : «يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون : المصحف ، والمسجد ، والعترة. يقول المصحف : يا ربّ حرّفوني ومزّقوني. ويقول المسجد : يا ربّ عطّلوني وضيّعوني. وتقول العترة : يا ربّ قتلونا وطردونا ...».
فالرواية الاولى حاكمة على تلك الطائفة من روايات التحريف وترشدنا إلى المراد من التحريف فيها التحريف المعنوي لا اللفظي ، لأنّه قال (ع) «أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده» والتحريف بهذا المعنى واقع قطعا وليس هو محلّ النزاع ، فإنّ المبتدعة قد حرّفوا القرآن طبقا لآرائهم وميولهم.
(٢). وسيذكر المؤلف ـ قدسسره ـ جملة من تلك المعارضات.
(٣). أي قسم وافر من تلك الروايات ناظر إلى تفسير الآيات وبيان المصداق ، فالساقط ما كان من هذا القبيل لا من القرآن نفسه.