__________________
ـ تحكيم الحكم الكافر في البلاد الإسلامية ، وكلّ ذلك بأيدي أذنابهم الأثيمة وأجرائهم المسيطرة على البلاد الاسلامية بالتظاهر بالدين ، ولكن من نياتهم الفاسدة وأعمالهم الكاسدة محو الدين ومحقه وقلع أساس الدين ونسفه.
ولا بدّ للمسلم المثقّف المتيقّظ الحي أن يعلم أنّ الدين الإسلامي عبارة عن عقيدة إلهية ينبثق عنها نظام كامل للحياة ، فردية واجتماعية ، بين الانسان وربّه وبين الإنسان وجميع ما في الكون والحياة ، وقد عمل الاستعمار الغربي على إشاعة تعريف خاطئ للدين بقوله : إنّ الدين علاقة فردية بين الإنسان وخالقه ، وهذا التعريف جاءنا من الغرب ، ويهتمّ أذناب الاستعمار بإشاعته في أذهان أفراد الأمة لعلّه يتخلّص بعد رسوخه في أفكارهم وأذهانهم من الإسلام ليتمّ له فصل الدين الإسلامي عن الحكم ، ولا تتقيد الحكومات بقوانين الإسلام والقرآن ؛ لأنّ الاسلام يحارب الاستعمار ، ويحرّم الخضوع للكافر ويوجب على المسلمين أن يعيشوا في ظلّ حكم إسلامي ، ويلزمهم الخضوع إليه والمحافظة عليه.
ومن ادّعى فصل الدين عن السياسة فقد خبط في قوله هذا خبط العشواء وتورّط في المهلكة الشوهاء ، وهذا كلام من هو من عمّال الاستعمار الغاشم ومن هو في أفكاره ووجوده متعفن متفرعن ، وإلّا فكيف يجوز للمسلم العارف بدينه أن يتفوّه بهذا الكلام الباطل المقذع ، ولا بدّله أن يعلم أنّ عمل الغربيين على نشر هذه التعاليم الخاطئة بين الأمة الإسلامية ليخدّرونا بها ويبعدونا عن مكافحة استعمارهم وعن الدعوة إلى إقامة حكم إسلامي بإنفاذ قوانينه وأحكامه الشرعية وتقييد الحكومة بالعمل بها ، وتكون أعمالها في حدود الشريعة الإسلامية ، فإنّ معنى فصل الدين عن السياسة الذي يجتهد العدو في إشاعته بين أفراد المسلمين : أن لا تكون الحكومات مقيّدة في قوانينها بقواعد الدين وقوانينه المقدّسة ، ويجتنب المسلمون مكافحة عمل الحكومات بالقوانين الكافرة بإيعاز من أسيادهم الخونة الظلمة. ألا ترى أنّ «مس بل» وهي أكبر جاسوسة إنجليزية عدوّة الإسلام وعدوة المسلمين تقول بصراحة : «إنّ رجال الدين كانوا من أكبر دعاة الثورة في العراق خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها ، وهذا ممّا دعا رجال الحكم إلى إنشاء المدارس الحديثة لكي يضعفوا بها الدين في نفوس الجيل الجديد ويقتلعوا بذلك جذور الثورة من أساسها» نقله السيد العلامة المعاصر الكاظمي القزويني ، نزيل البصرة ، دام بقاؤه في كتابه الإسلام وشبهات الاستعمار ، ص ٤٣ طبعة النجف ، عن ترجمة علي الوردي أحد نتائج تلك المدارس في كتابه وعاظ السلاطين ، ص ٣٩٨ ـ ثمّ قال السيد المعاصر بعد نقله : وإنّما عبّرت برجال الدين بدل تعبيرها بعلماء المسلمين ؛ لتوهّم أنّ الرجال قسمان : رجال الدين ، ورجال السياسة ، وأنّه ليس من حقّ الأول أن يتبنّى السياسة ويخوض فيها ، كما ليس من حقّ الأخير أن يتبنّى الدين ويخوض فيه ، فالاستعمار بهذا المنطق الأهوج البالي يريد فصل الإسلام عن السياسة وإبعاد السياسة عن الدين ، ولكن خاب سعيه وطاش سهمه وضلّت مطيته فقد انبرى له علماء المسلمين والمخلصون من أبنائهم فحطّموه وقدعوه فقمعوه وأرجعوا طغيانه إلى نحره وترّهاته إلى نصابها (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) النحل ـ ١٢٨