مذهب
أهل الحق : أن الواجب بذاته
مريد بإرادة ، عالم بعلم ، قادر بقدرة ، حي بحياة ، سميع بسمع ، بصير ببصر ، متكلم
بكلام ، وهذه كلها معان وجودية أزلية زائدة على الذات. وذهبت الفلاسفة والشيعة إلى
نفيها. ثم اختلفت آراء الشيعة فمنهم من لم يطلق عليه شيئا من الأسماء الحسنى ،
ومنهم من لم يجوز خلوه عنها. وأما المعتزلة فموافقون للنفاة ، وإن كان لهم تفصيل
مذهب في الصفات كما سيأتي.
ونحن الآن ، نبتدئ
بمعتمد أهل التعطيل ، وننبه على وجه إبطاله ، ثم نذكر بعد ذلك ـ مستند أهل الحق ،
فنقول :
قال
النفاة : لو قدر له صفات
فهي إما ذاتية أو خارجية : فإن كانت ذاتية ، فذات واجب الوجود متقومة بمبادئ زائدة
عليها ولا يكون إذ ذاك واجب الوجود بنفسه. ثم إن تلك المبادئ إما أن تكون كلها
واجبة أو ممكنة أو البعض واجب والبعض ممكن : فإن كانت كلها واجبة أفضى إلى
الاشتراك في واجب الوجود. وهو ممتنع ، فإنا لو قدرنا وجود واجبين ، فإما أن يشتركا
من كل وجه أو يختلفا من كل وجه أو يشتركا من وجه ويختلفا في آخر : فإن اشتركا من
كل وجه فلا تعدد في واجب الوجود ، إذ التعدد والتغاير ـ مع قطع النظر عن التميز ـ محال.
وإن اختلفا من كل
وجه ، فلم يشتركا في وجوب الوجود. وان اشتركا من وجه دون وجه فما به الاشتراك غير
ما به الاقتران لا محالة وعند ذلك فما به الاشتراك ، إن لم يكن وجوب الوجود ،
فليسا بواجبين ، بل أحدهما دون
__________________