ولا عادة ، بخلاف اتفاق الأمة على الخطأ ، كما بيناه.
وليس التنصيص على من عقدت له الإمامة بالاختيار شرطا في طاعته ـ فإن طاعته بعد ذلك إنما صارت واجبة بالإجماع ، المستند إلى الكتاب ، أو قول الرسول ، لا إلى نفس الاختيار له أولا ، فإذا اشتراط استناد الاختيار إلى التنصيص إنما يلزم أن لو كان وجوب الطاعة مستندا إليه ، ومعتمدا عليه ، وليس كذلك. وبهذا يندفع ما ذكروه من الخيال الآخر أيضا ، كيف وأنه لو قدر استناد الطاعة إلى الاختيار ، فامتناعه واستبعاده إنما يستقيم أن لو كان ما يثبت بالاختيار لا يتم الاختيار إلا به ، ولا يجب إلا بالنظر إليه ؛ لما فيه من الدور الممتنع ، أما إذا كان ما يجب طاعة الإمام فيه ، هو غير ما يتوقف وجوب الطاعة عليه ، فلا امتناع ولا استبعاد ، وقد تحقق بما قررناه إبطال النص وإثبات الاختيار.
وإذا ثبت أن مستند التعيين ليس إلا الاختيار ، فذلك مما لا يفتقر إلى إجماع أهل الحل والعقد ؛ فإن ذلك ما لم يقم عليه دليل عقلي ولا سمعي نقلي ، بل الواحد من أهل الحل والعقد ـ والاثنان ـ كاف في الانعقاد ، ووجوب الطاعة والانقياد ؛ لعلمنا بأن السلف من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ، مع ما كانوا عليه من الصلابة في الدين ، والمحافظة على قواعد المسلمين ـ اكتفوا في عقد الإمامة بالواحد والاثنين من أهل الحل والعقد كعقد عمر لأبي بكر وعبد الرحمن بن عوف لعثمان ، ولم يشترطوا إجماع من في المدينة من أهل الحل والعقد ، فضلا عن إجماع الأمصار واتفاق من في سائر الأقطار ، وكانوا على ذلك من المتفقين ، وله من المتبعين ، من غير مخالفة ولا نكير ، وعلى ذلك انطوت الأعصار في عقد الإمامة في كل حين ، وعليه اتفاق كافة المسلمين.