وأما
المنجمون :
فقد اعتقد فريق
منهم أن صدور الكائنات وحدوث الحادثات ، وكل ما يجري في عالم الكون والفساد ليس
إلا عن الأفلاك الدائرة ، والكواكب السائرة ، وأنه لا مدبر سواه ، ولا مكون إلها.
وقد تحاشى فريق
منهم عن سخف هذه الحالة ، وتشنيع هذه المقالة ، فقالوا : المدبر والخالق ليس إلا
الله تعالى ، لكن بتوسط الأجرام الفلكية والكواكب السماوية.
وأما
الثنوية :
فاعتقادهم أن مبدأ
الكائنات وكل ما في العالم من خير وشر ونفع وضر ليس هو إلا امتزاج «النور والظلمة»
، وأنهما أصل العلوم ، فما يحصل من الخير فمضاف إلى النور وما يحصل من الشر فمضاف
إلى الظلمة.
لكن منهم من ذهب
إلى أن النور قديم ، والظلمة حادثة عن فكرة ردية حصلت لبعض أجزاء «النور» : وعبروا
عن النور بالباري ، وعن الظلمة بالشيطان ، ومنهم من قال بأنهما قديمان.
وأما
المعتزلة :
فمطبقون على أن
أفعال العباد المختارين مخلوقة لهم ، وأنها غير داخلة في مقدورات الرب ـ تعالى ـ ،
كما أن مقدورات الرب غير داخلة في مقدوراتهم.
وقد نقل عن القاضي
ـ رحمهالله ـ أنه لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا في الفعل ، بل أثبت لها
أثرا في صفة زائدة على الفعل ، كما سنبينه ، ثم اختلف قوله في الأثر الزائد ، فقال
تارة : إنه لا أثر للقدرة القديمة فيه أصلا ، وقال تارة : بالتأثير ، وأثبت مخلوقا
بين خالقين.
وقد نقل عن
الأسفراييني أنه قال في نفس الفعل ما قاله القاضي في القول الثاني في الأثر
الزائد.
وذهب إمام الحرمين
في بعض تصانيفه إلى تأثير القدرة الحادثة في إيجاد