فقال علي رضي الله عنه : يا رسول الله فما هذه الأحداث التي نجاهدهم عليها؟ قال : ما خالف القرآن وخالف سنتي ، إذا عملوا في الدين بغير الدين ، وإنما الدين أمر الرب ونهيه.
قال علي : يا رسول الله فإنك قلت يوم أحد إذ استشهد من المؤمنين من استشهد فأخّرت عني الشهادة فرأيت وجدي وأسفي : إن الشهادة من ورائك. فقال رسول الله صلى الله عليه : فإن ذلك إن شاء الله كذلك. وكيف ترى صبرك إذا خضبت هذه من هذا وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه؟!
فقال علي رضي الله عنه : ليس ذلك يا رسول الله حينئذ من مواطن الصبر ، ولكنه من مواطن البشرى والشكر.
فقال رسول الله صلى الله عليه : فأعدد قبل خصومتك فإنك مخاصم. فقال عليعليهالسلام: يا رسول الله أرشدني إلى الفلج عند الخصومة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه: آثر الهدى ، واعطفه على الهوى من بعدي ، إذا عطف قومك الهوى على الهدى وآثروه ، واعطف القرآن على الرأي ، إذا عطف قومك الرأي على القرآن ، وحرفوا الكلم عن مواضعه بالأهواء العارضة ، والآمال الطامحة ، والأفئدة الناكثة ، والغش المطوي ، والإفك المؤذي ، والغفلة عن ذكر الموت والمعاد ، فلا يكونن خصومك أولى بالقرآن منك ، فإن من الفلج في الدنيا أن يخالف خصمك سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأن يخالف القرآن بعمله ، يقول الحق ويعمل بالباطل ، وعند ذلك يملأ لهم ليزدادوا إثما ، ويضلوا ضلالا كبيرا ، وعند ذلك لا يدين الناس بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يكون فيهم شهداء لله بالحق ، وعند ذلك يتفاخرون بأموالهم وأنسابهم ، ويزكون أنفسهم ، ويتمنون رحمة ربهم ، ويستحلون الحرام والمعاصي بالشبهات والأسماء الكاذبة ، ويستحلون الربا بالبيع ، والخمر بالنبيذ ، والنجس بالزكاة ، والسحت بالهدية ، ويظهرون الباطل ، ويتعاونون على أمرهم ، ويزينون الجهلاء ، ويفتنون العلماء من أولي الألباب ، ويتخذونهم سخريا.
فقال علي : يا رسول الله بمنزلة ردة هم إذا فعلوا ذلك ، أبمنزلة فتنة؟ فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : بل بمنزلة فتنة ، لو كانوا بمنزلة ردة أتاهم رسول من بعدي يدعوهم إلى الرجعة من بعد الردة ، ولكنها فتنة يستنقذهم الله منها إذا تأخرت آجال