نذكره إلا بالأسماء الحسنى ، ومن الأسماء الحسنى كل اسم لا يكون معناه عند السامع محتمل التهجين ، وقول القائل : ربه في السلاسل والكبول تصغير بذكر الله وتهجين ، تعالى الله عزوجل ، وارتفع عن ذلك وعن أن نذكره به ، لأن المذكور بهذا مذكور بالإحاطة والقلة ، والله عن ذلك يتعالى ، وإذا ذكر الرب بالاسم العام كان له تعظيما ، وإذا ذكر بالاسم الخاص كان له تهجينا ، ولا يعرف الرّبّ من ذكره بهجنة ، وقد دللنا على معنى صحيح ، إذ قلنا إن (١) الله في الأشياء مبثوثة ، وإن خص السائل ذكر شيء هو بالمذكور تصغير وتهجين ، ويذكر ما يكون حواء وإحاطة لم يجز الجواب فيه بنعم!
فإن سأل السائل ما الله تبارك وتعالى إذا قلتم : هو الواحد؟!
قلنا : معنانا (٢) أن الله واحد أي : لا واحد سواه ، إلا وله شبيه (٣) ، والله واحد ليس له شبيه ، وهو يقيم الأشياء ، وهو القائم بها لا بغيره قامت الأشياء ، وليس الله بذي أعضاء ، بعضها لبعض مؤيد ولا ممسك ، بل الله واحد ليس سواه واحد في معناه ، وليس واحد سوى الله إلا وقيامه بغيره ، وذلك أن الحركة لا تقوم في وقتها إلا بمتحرك ، كذلك اللون لا يقوم إلا بملوّن ، والطول لا يقوم إلا بمطوّل ، لأن ما ذكرنا كلها أجزاء ، وإنما يقوّم بعضها بعضا ، ولا يكون الجميع إلا باتصال الأبعاض ، ولما كان على الجميع الأجزاء ، جاز أن يكون مع الجميع ثان ، وجاز أن يقال : هذا كان غير هذا. كذلك لا يقوم شيء مما ذكرنا من الخلق إلا في زمان ومكان ، والله القائم بنفسه لا تجري عليه الأزمنة ، ولا تحويه الأمكنة (٤).
واعلم أن العدد من الحساب أصله وجوب الغير ، ولا يقع الغير إلا على اثنين فصاعدا ، فإن كان الاثنان جنسين مختلفين ، جاز أن يقال : هذا غير هذا ، فإن كانا مؤتلفين قيل : هذا وهذا واحد ، وهذا واحد وهذا واحد ، وكان كل واحد منهما غير الآخر.
__________________
(١) سقط من (أ) و (ج) : إن.
(٢) معنانا : أي : مقصدنا الذي عنيناه وقصدناه.
(٣) في (ب) و (د) : تشبيه.
(٤) في (ب) و (د) : الأماكن.