جوهرياً ، وبتعبير آخر : هو نزاع لفظي ؛ لأن التوسل بأولياء الله يرجع في الواقع إلى توسل الإنسان بأعمال هؤلاء ، وهو مشروع ، فلو لاحظ المخالفون بعين الإنصاف والبصيرة لاتضح لهم الأمر بشكل واضح وجلي ، والإشكال حينها سينحل ، وستنطفىء نار الفتنة ، ولن تصل النوبة لاتهام المسلمين بالشرك والضلال.
ويضيف بعد ذلك لتوضيح هذا الكلام : إذا توسل شخص بواحد من أولياء الله فإنّ ذلك لأجل كونه محبوباً عنده.
ولكن لما ذا يكون محبوباً عنده؟
لأجل كونه رجلاً صالحاً ، أو أنّه محب لله سبحانه وتعالى ، أو أنّ الله سبحانه وتعالى يحبه ، أو الإنسان يحب هذه الوسيلة ، وعند ما نتعمق في كل هذه الأمور نجد أنّها ناشئة من العمل.
يعني في الواقع أنّ التوسل حاصل بالأعمال الصالحة عند الله سبحانه وتعالى ، وهذا هو المعنى المتفق عليه عند جميع المسلمين (١).
طبعاً نحن سنشير فيما بعد إلى أنّ التوسل بالأفراد مع جلالة شأنهم ليس لأجل أعمالهم ، بعنوان كونهم وجهاء وعزيزين وعظماء عند الله ، أو بأي دليل كان ، بل لكونهم غير مستقلين بالتأثير ، بل لأنّهم شفعاء عند الحضرة الإلهيّة ، وهذا التوسل ليس كفراً ولا ممنوعاً.
ولقد أشارت الآيات القرآنيّة عدّة مرّات إلى هذا النوع من التوسل.
فالشرك هو أن نعتقد بأنّ هناك شيئاً له تأثير مستقل في مقابل الله ، واشتباه الوهابيين هو أنّهم خلطوا بين «العبادة» و «الشفاعة» الموجودة في آية : (ما
__________________
(١). أنظر مفاهيم يجب أن تصحّح ، ص ١١٦ و ١١٧.