ويجد الجواهر لا تخلو من الحوادث المتناهية وكلّ ما لا يخلو من الحوادث المتناهية فهو حادث ، وكلّ حادث فله محدث ضرورة.
ثمّ يعلم بواسطة اختلاف الأشياء وتباين أوصافها أنّ مبدعها مختار ، إذ لو كان موجبا لكانت أفعاله واقعة على وجه واحد ، ولدامت بدوامه ، إذ بقاء العلّة موجب لبقاء المعلول ، وفي اختلافها وعدمها بعد الوجود دلالة على اختيار الموجد.
ثمّ يجد العالم محكما مرتّبا على وجه المنفعة المقصودة ، وهو يعلم أنّ المحكم لا يقع اتّفاقا إلّا من عالم به قبل إيقاعه ، كالكتابة المحكمة ، فإنّها لا تقع إلّا من عالم بها ، فيعلم عند ذلك أنّ صانع العالم عالم.
وإذا عرف اتّصافه بهذين الوصفين علم أنّه حيّ موجود ، لأنّ الحيّ هو الذي لا يستحيل أن يقدر ويعلم ، ولأنّ المعدوم يستحيل أن يؤثّر في الموجودات.
فائدة
المعنيّ بكونه قادرا أنّه يصحّ أن يفعل وأن لا يفعل ، والمعنيّ بكونه عالما أنّه متبيّن الأشياء تبيّنا يصحّ معه ايقاع الفعل محكما ، والمعنيّ بكونه حيّا أنّه لا يستحيل كونه قادرا عالما ، والمعنيّ بكونه موجودا أنّ له ذاتا متحقّقة في الأعيان ، وليس له بهذه الأوصاف أحوال زائدة على هذا الاعتبار ، لأنّ هذا القدر يكفي في اطلاق الوصف ، ولا دلالة على ما زاد عليه.
وهذه الأوصاف الأربعة واجبة لذاته المقدّسة إذ لو كانت جائزة لم