الاستسعاد عليهم بغيرهم ، ثمّ الكلام فيهم كما في الأوّل ، فلا بدّ
من الانتهاء إلى جند معصومين دفعا للتسلسل. وهذه الحجّة مماثلة لحجّتكم في إثبات
عصمة الإمام ، فإن دلّت هناك دلّت هنا. الرابع : لو كانت العلّة المحوجة إلى
الإمام جواز الخطأ ، لكان لو فرض في الامّة معصوم لم يكن إماما ولا مأموما ، لكن
ذلك باطل بالإجماع.
والجواب : قوله : لا نسلّم أنّ العلّة المحوجة إلى الإمام جواز الخطأ. قلنا : قد
بيّنا ذلك بكون الاحتياج يدور مع جواز الخطأ على المكلّفين وجودا وعدما ، لأنّا
متى عرفنا أنّ المكلّف معصوم استغنى بالعصمة عن الإمام ، ومتى ارتفع ذلك احتاج إلى
اللطف المحرّك إلى فعل الطاعة واجتناب المعصية ، وليس كذلك ما عدّده من الامور ،
وإن كان يحتاج إليه فيها ، لكن ليست علّة الاحتياج ، والعقائد لا يجوز الرجوع فيها
إلى الإمام إلّا بعد ثبوت عصمته ، لأنّ الخبر المحتمل للصدق والكذب لا يجوز الجزم
به إلّا لدلالة تدلّ عليه ، فإن عمل بقول الإمام مجرّدا عن دلالة ولا وثوق بعصمته
لم يقطع بصحّة خبره ، فلا يجوز بناء العقائد على قوله ، وإن عمل بقوله منضمّا إلى
الدلالة لم تكن لقوله مزيّة على غيره ، فثبت أنّ علّة الاحتياج إلى الإمام هو ما
ذكرناه من جواز الخطأ على المكلّفين ، وأنّه إن كان للمعرفة بالعقائد يلزم أن يكون
معصوما أيضا لما ذكرناه.
قوله : ما المانع
أن يكون في وقت إمامان جائزا الخطأ ويأخذ كلّ واحد منهما على صاحبه ، فلا يفتقران
إلى إمام معصوم؟ قلنا : هذا باطل. وبتقدير صحّته فالإلزام باق. أمّا بطلانه فلأنّ
الإمام يجب على المأموم تعظيمه
__________________