إمّا أن يبايع يزيد ويحظى بعيش رغيد في الدنيا مع بقاء حبّ المسلمين واحترام كافّة الناس ايّاه وهو يعلم أنّ بيعته :
أولا ـ اقرار منه ليزيد على كلّ فجوره وكفره وتظاهره بهما!
وثانيا ـ إقرار منه للمسلمين في ما يعتقدونه في أمثال يزيد ممّن تربّع على دست الخلافة بالبيعة بأنّهم الممثّلون الشرعيون لله ورسوله وأنّ طاعتهم واجبة على كلّ حال وفي كل ما يأمرون!
وفي كلا الاقرارين قضاء على شريعة جدّه سيّد المرسلين ، وتؤول شريعته بعد ذاك مآل شريعة موسى وعيسى وشرايع سائر النبيين ، وبذلك كان سبط رسول الله يحمل آثام أهل عصره وآثام من جاء بعدهم إلى يوم القيامة ، فإنّه لم يكن قد بقي من الرسول سبط غير الحسين ، ولم يمهد لاحد ما مهّد له كما ذكرنا ، ولم يكن يأتي بعده من يصبح له شأن عند المسلمين كشأن الإمام الحسين (ع).
إذن فهو الإنسان الوحيد الذي أنيطت به تلك المهمّة الخطيرة مدى الدهر وعليه أن يختار أحد أمرين : إمّا أن يبايع ، وإمّا أن ينكر على يزيد أعماله ، وينكر على المسلمين كافّة اقرارهم أعمال يزيد ، وبذلك يغيّر ما كانوا عليه ويمكّن الأئمّة من بعده من أن يقوموا باحياء ما اندرس من شريعة جدّه. وهذا ما اختاره الإمام الحسين (ع) واستهدفه في قيامه واتّخذه شعارا لنفسه ، وسلك سبيلا يوصله إليه. كما نبيّنه في ما يلي.